المحزن فى حرب أكتوبر أن معارك هذه الحرب العظيمة وبطولات جنود الشعب لم يتم رصدها وتسجيلها وتصويرها بكاميرات السينما أو الكاميرات الفوتوغرافية لتوثيقها وعرضها فيما بعد على الأجيال التى لم تعش تلك الأيام المجيدة. حتى لحظات العبور الحقيقية لم يتم توثيقها. قليل من المعارك أو المواقف البطولية هى التى تم تصويرها وكانت من أروع صور الحرب التى لا تنساها الذاكرة الإسرائيلية قبل المصرية، لأنها وثقت لحظة إذلال «الجندى الأسطورى والجيش الذى لا يقهر» على جبهة القتال فى سيناء. وهى الصور التى ما زالت تؤرق وتؤلم قادة إسرائيل وتذكرهم دائما بعبقرية وشجاعة الجندى المصرى.
لن تنسى الذاكرة الصهيونية بكل حزن وأسى وقهر الصورة الرائعة الشهيرة فى حرب أكتوبر 73 للقائد المصرى الرائد زغلول فتحى قائد الكتيبة 43 صاعقة المكلفة باستعادة نقطة بور توفيق الذى أصر بعد استيلائه وقواته على النقطة على أن يستسلم قائدها الذليل بالعلم الإسرائيلى وليس بالراية البيضاء. ولم تجد القوات الإسرائيلية أمامها سوى تنفيذ الأمر وتقدم الملازم أول شلومو أردنست قائد الموقع وخلفه أربعة ضباط إلى حيث يقف قائد كتيبة الصاعقة الرائد البطل فتحى زغلول، ووقف أمامه مرتجلًا ذليلًا مؤدياً التحية العسكرية بيده اليمنى ومقدماً العلم الإسرائيلى باليد اليسرى مطوياً منكساً فى واقعة لم تحدث من قبل فى الحروب.
هذه الصورة يمر عليها المصريون خاصة من الأجيال الحالية بعيونهم مرورًا عابرًا، لكن إسرائيل تدرك أنها تلخيص للإذلال والقهر والخيبة والهزيمة فى أكتوبر 73.
كانت هناك صورة أخرى رائعة وبديعة ومؤثرة لم يتم التقاطها للأسف، هى لحظة استسلام الجنرال عساف ياجورى قائد اللواء 190 مدرعات بجيش إسرائيل الذى قام بأسره النقيب يسرى عمارة بعد تدمير معظم دبابات لواء المدرعات التابعة له - حوالى 70 دبابة - فى أقل من نصف ساعة وجرى عساف وبعض ضباطه للاختباء بعد حرق دبابته الخاصة وبعد اكتشاف موقعه طلب من النقيب يسرى عمارة تحية الجندى الذى دمر الدبابة، فتقدم إليه البطل صائد الدبابات الفلاح الجندى محمد المصرى، فانتفض عساف وقام بتأدية التحية العسكرية له فى مشهد كنا نتمناه لو تم تسجيله وتصويره لتراه الأجيال الجديدة ولتحتفظ به ذاكرة إسرائيل وقادتها، وهى رواية حقيقية رواها أبطال الواقعة ورواها عساف ياجورى نفسه بعد وقوعه فى الأسر.
هذه هى صور الحرب فى شريط البطولة والمجد والشرف والتضحية لشهداء مصر وأبطالها التى لا يمكن نسيانها، ولا يمكن أن تنساها ذاكرة إسرائيل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة