مازال نزيف الدم المصرى على الأسفلت مستمرا.. ولا حياة لمن تنادى وكأن دم المصريين رخيص وهين، ولا ثمن له عند المسؤولين فى الدولة.
أصبح وقوع الحوادث اليومية وضحاياها مسلسلا حزينا وداميا لا يتوقف، على مسمع ومرأى من الحكومة، دون أن يتحرك أحد لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية التى يدفع ثمنها عشرات المصريين يوميا من أرواحهم ودمائهم، وتؤدى إلى تشرد أسرهم، ودون أن تتحرك الحكومة لوقف النزيف وإعلان خطة عاجلة وفورية لمعالجة الخلل فى الطرق أو فى القوانين والإجراءات.
حادث أسوان المفجع أمس الأول والذى راح ضحيته 26 صيادا مصريا كانوا فى طريقهم لكسب لقمة العيش، والسعى وراء الرزق فى بحيرة ناصر، يجب أن يحرك الحكومة، ووضع خطة فورية لتأهيل الطرق المصرية فى كل أنحاء الجمهورية التى وصلت إلى حالة يرثى لها من التدهور، وتفعيل القوانين والإجراءات الرادعة للحد من السرعة الجنونية لفئة من السائقين لا تعبأ بأرواح الناس.
نرجو أن ترى الحكومة السواد الذى تتشح به القرى فى مصر، وتسمع صرخات أهالى الضحايا فيها، ويهتز ضميرها للبسطاء والغلابة من ضحايا الأسفلت.
قضية حوادث الطرق ليس لها بعد إنسانى فقط، وإنما بعد اقتصادى خطير، لأن استمرار نزيف الدم المجانى يؤثر مباشرا على الوضع الاقتصادى سواءً من حيث الخسائر البشرية والمادية، أو من حيث التأثير على جذب الاستثمارات، لأن الطرق المؤهلة والسليمة، وقائدى السيارات المؤهلين والمتعلمين، عامل أساسى ومهم فى جذب وتشجيع الاستثمارات، لأنها أحد مقومات البنية الأساسية فى أى دولة تسعى لجذب الاستثمارات.
ومع كل حادثة طريق تعلو أصواتنا بأن الكارثة اقتصادية أيضا، وتخيف المستثمرين والسياح والزوار القادمين إلى مصر، التى أصبحت تحتل المرتبة الأولى عالميا، بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، فى حوادث الطرق.
هل تصدق أن مصر تفقد سنويا أكثر من 12 ألفا من أبنائها ويصاب 40 ألفا فى المتوسط بسبب حوادث الطرق؟.. وهذا الرقم حسب إحصاء عام 2012.
القضية ليست فى اهتمام الحكومة بنقل المصابين وعلاجهم على حساب الدولة، وصرف تعويضات لأهالى الضحايا من المتوفين. القضية أعقد وأكبر من ذلك بكثير، لأننا أمام مصيبة إنسانية واقتصادية فى وقت واحد تحتاج إلى مواجهة حقيقية، وليس إلى تصريحات وتوجيهات وأحاديث فى المشاعر والعطف والعزاء.