د.سمير البهواشى يكتب: قبل فوات الأوان

الأربعاء، 15 أكتوبر 2014 12:23 م
د.سمير البهواشى يكتب: قبل فوات الأوان صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال لصاحبه: ياااااااااااااه ألهذا الحد ضقت بأسرتك
قال: نع
م فالظاهر أن السن كلما تقدمت بالآباء خّرفوا وكثرت طلباتهم وأوامرهم وراحوا يشتكون من كل شىء ويضيقون بأى شىء.
قال صاحبه: أكفرت بمن جعلهما الله سببًا فى وجودك؟
قال: لم أكفر ولكنى أتضجّر
تتضجر؟ إن الضجر أعظم عند الله من كلمة أف التى نهانا عن قولها لآبائنا فى قرآنه الكريم، إن كنت لا تذكر كيف كانا لك وأنت بعد رضيع ثم صرت طفلاً يتعلم الكلام والمشى ثم تلميذًا فى أول أيام التحاقك بروضة الأطفال فانظر إلى نفسك واستحضر إحساسك تجاه ابنك الصغير؟ اسمع يا صاحبى لقد كان لى قريب من الربانيين الذين يعبدون الله كأنهم يرونه فإن ناموا أو غفلوا تيقنوا أن الله يراهم.. هذا القريب ربى أولاده على الفضيلة وبذل الوسع فى إسعادهم صغارًا وكبارًا ثم كان يوم كشرت إحدى بناته فى وجهه وعامله ابنه الكبير معاملة جافة فبدل أن يقبل يده دفعها بعنف ناسيًا أنها يومًا ما حاولت إضحاكه ولما يبلغ الشهر من عمره فما كان من قريبى هذا إلا أن طلب ممن عقّوه الخروج من داره فجاءونى لأتوسط لهم عند أبيهم، فلما فاتحته فى العفو والمسامحة فهم فى النهاية لحمه ودمه قال لى: تأمل ما قاله الله فى كتابه الكريم: "أن اشكر لى ولوالديك إلى المصير" فقد قرن الله شكر الوالدين بشكره جل فى علاه فلا ينفع واحد منهما بدون الآخر وقد جاء فى الحديث القدسى إن الله قال لعباده من لم يرض بقضائى ويصبر على بلوائى ويشكرنى على نعمائى فليخرج من تحت سمائى وليطلب ربًا سواى، وبما أن الله قد أوجدهم وأمدهم من خلالى فجحدونى ولم يشكروا لى وحملتهم ولاعبتهم وسهرت عليهم وجعت ليأكلوا وتعريت ليكتسوا وأرقت ليناموا وتعبت ليرتاحوا ولم اتضجر حتى إذا كبروا وكبرت معهم لم يتحملوا هفوات الكبر ولم يصبروا على أنات الضجر فخرجت الأف من أفواههم بصور شتى وما فعلت ما فعلت عند نفاد صبرى إلا استنادًا إلى فهمى الذى قد أكون مخطئًا فيه وقد أكون مصيبًا وما قلت لهم إلا أن من لم يرض بنظامى وكلامى - طالما لم يغضب الله - ولم يصبر على بلائى وكبر سنى ويشكر نعمائى وفضلى بعد الله عليه فليخرج من تحت عباءتى وليبحث عن أب سواى يرى أن الفضل له وبيتا غير بيتى يحتمى فيه! فما كان منى إلا أن اقتنعت بما قال خاصة أنه سرعان ما عفا عنهم وغفر لهم ودعا لهم ألا يشعروا فى كبرهم من أولادهم ما شعر هو منهم فى ذاك الموقف!! ورغمًا عنى سالت دموعى وتمنيت لو أن أبواى فى الدنيا لأرتمى تحت قدميهما وأغدق عليهما من الحنان بعضًا مما منحانى صغيرًا؟
قال: ألهذا الحد تحب أباك وأمك ياصديقى؟
قال: حتى تشعر بما أشعر به يجب أن تكون مثلى فأنا أحسدك على كنز الحسنات الذى عندك كيف لا تستثمره قبل فوات الأوان؟
- فوات الأوان؟
- نعم قبل أن يفوت الأوان فتذوق ما أذوق!
- كيف؟
- أي تصبح يتيمًا مثلي، لا أب ولا أم!
بعد الشر (بكسر الباء)، بل ادعو الله أن يمد فى عمريهما ويوفقنى إلى البر بهما بعيدًا عن الأنانية والكبرياء وتوهم أنى ولدت كما أنا عليه الآن؟











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة