لا نتعامل مع بطولاتنا بالشكل الصحيح، ولا نحتفى بها كما ينبغى، مثلما يفعل أعداؤنا وأصدقاؤنا أيضًا.. الدول التى شاركت فى الحرب العالمية الثانية مازالت آلتها السينمائية تنتج أفلامًا تمجد فى بطولات جيوشها وجنودها رغم مرور ما يقرب من 65 عامًا، ونحن مازلنا نتجادل ونتبادل اللوم فى عدم إنتاج حتى ولو فيلم واحد يقدم حرب أكتوبر وبطولاتها بالصورة الحقيقية للحرب بعد 41 عامًا.
المعارك التى خاضها أبطالنا فى أكتوبر تحولت إلى مجرد مناسبات ومؤتمرات صحفية ينتهى أثرها فى نهاية المناسبة أو المؤتمر.. على سبيل المثال، أمس الأول كان يوم القوات الجوية فى مناسبة معركة جوية لا مثيل لها فى تاريخ الحروب العالمية منذ إنشاء سلاح الطيران، وهى معركة المنصورة التى استمرت فوق الأجواء المصرية لمدة 53 دقيقة، لتسجل أطول معارك الجو فى التاريخ، وشهدت أول، وربما آخر مواجهات مباشرة بين سلاح الطيران فى قتال مباشر بين طائرة وأخرى.
فى هذه المعركة التى جرت يوم 14 أكتوبر 73 راهن العدو الصهيونى على اختراق الأجواء المصرية فوق دلتا مصر فى معركة انتحارية كان الغرض منها تدمير المطارات المصرية، وأنظمة الدفاع الجوى، مثلما حدث فى 5 يونيو67، وهاجم العدو بـ 120 طائرة مقاتلة فى وقت واحد، ودارت أشرس معركة جوية، ولقن سلاح الجوى المصرى العدو درسًا لن ينساه، ورغم التفوق العددى للطائرات الصهيونية، فإن نسور الجو، خاصة قاعدة مطارات المنصورة واجهوا العدو بحوالى 62 طائرة مقاتلة مصرية فقط، واستطاعوا ببسالة وشجاعة فائقة ومنقطعة النظير هزيمة العدو، وإسقاط 18 طائرة له، مما اضطر باقى طائراته للفرار.
خاضت اسرائيل هذه المعركة بطائرات حديثة، ومن طرازات مختلفة، مثل الفانتوم، والميراج، والسكاى هوك، وكنا نقاتل بطائرات الميج، لكن الفارق كان فى عبقرية الطيار المصرى وبسالته وصموده، واستطاعت 7 طائرات ميج مصرية أن تسقط للعدو 17 طائرة حديثة.. هذه المعركة الأسطورية مازالت تدرس فى أكبر المعاهد العسكرية فى العالم، وأصبح 14 أكتوبر عيدًا لمصر وللقوات الجوية.
هى دعوة لأن تصبح هذه المعارك كتبًا ووثائق بين أيدى الأجيال الجديدة وحصص تدرس فى المدارس للتلاميذ فى المرحلة الابتدائية والإعدادية لتشكيل الوعى والحس الوطنى، وبث روح الاعتزاز والفخر بشجاعة وبطولة الجندى المصرى فى معركة الشرف والتضحية والفداء.