بينما يسير الإنسان فى طريق الحياة، عليه أن يُدرِك أنه لا يسير بمفرده فى الدرب. كذلك يجب أن يبحث عن حقيقة ما يتعرض له من مواقف، فهناك من البشر من يشعرون أنهم دائمًا على حق وأنهم يُدركون الحقائق، فى حين هناك كثير من المشكلات التى لا يدركون أنهم جزء منها، لا من حولهم.
تحكى القصة أن أحد الأزواج قرر الذهاب إلى الطبيب ليعرض عليه مشكلة تتعلق بزوجته؛ فهى تعانى ضعفًا شديدًا فى السمع، ولا يدرى كيف يمكنه مساعدتها دون أن يُشعرها بالحرج. وفى اللقاء، سأله الطبيب: ما هو مدى ضعف السمع لدى زوجتك؟ أتجد هى صعوبة فى السمع حينما تكونان فى ذات الغرفة، أم على مسافة كبيرة؟ أجابه الزوج: فى حقيقة الأمر، لا أدرى! وهٰذا ما جعل الطبيب يطلب منه أن يعود إلى البيت، ويحاول أن يعرِف إلى أية مسافة يجب أن يكون قريبًا من زوجته حتى يمكنها سماع ما يقول؛ أى يكرر إلقاء سؤاله عليها فى مسافات متغيرة إلى أن تتمكن من سماع سؤاله بوضوح والإجابة عليه. وصل الزوج إلى المنزل، وبدأ فى محاولاته. فوقف عند مدخل الباب وصاح: ماذا أعددتِ لنا، يا زوجتى العزيزة، فى عشاء الليلة؟ لٰكن الزوج لم يتمكن من سماع أى رُدود. دخل الزوج ووقف فى الممر، وسأل مرة أخرى السؤال نفسه، إلا أنه لم يسمع ردًّا فى المرة الثانية. اقترب الرجل من حجرة الاستقبال، ثم قال بصوت مرتفع: ماذا أعددتِ لنا، يا زوجتى، فى عشاء الليلة؟ وللمرة الثالثة وهو لا يسمع ردًّا. أخيرًا، دخل الرجل إلى المطبخ، حيث تقف الزوجة، فوقف إلى جوارها، وكرر سؤاله عليها. أجابت الزوجة: دجاج، لقد أخبرتك ثلاث مرات، وهٰذه هى المرة الرابعة، إننا سنتناول الدجاج فى العشاء. لقد كانت المشكلة الحقيقية فى أن الزوج هو من لديه ضعف فى السمع، لا الزوجة! ربما تمر بك مواقف كثيرة فى الحياة تشابه هٰذا الموقف؛ فقبل أن تفترض أن أسباب ما يمر بك هى من الآخرين، ابحث داخلك أولًا عن الأمور التى قد تكون السبب الحقيقى لما يحدث لك؛ وحينئذ يمكنك التغلب على الصعاب ومساعدة من حولك فى الحياة، لإدراكهم أنك لا تسير فى طريق الحياة لتُلقى بالتهم والأخطاء على الآخرين.
ما أعظم الحياة حين يعيشها الإنسان وهو يُدرك أنها رحلة مشتركة بين الجميع! حين نرتفع فالجميع يرتفع أيضًا، وحين تهطِل الأمطار، تُشرق الشمس، تقوم الأعاصير، تنبت الأرض ثمارها، فهى للجميع. وحينئذ لن يبحث هٰذا الإنسان عن أخطاء أو ضعفات الآخر، بل سيبحث عن حقيقة الأمور، مدركًا أن السعادة تكمُن فى أن ينجح الجميع معًا. ما أروع الحياة حين يحياها الجميع معًا.
• الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة