يصاب البعض بحالة من الحساسية والهرش السياسى، عندما تصدر انتقادات من منظمات ومؤسسات وصحف خارجية. بينما لايصيبهم الهرش السياسى من الداخل. وهى "عقدة الخواجة"، ويفترض فى أى نظام حقيقى، أن يكون إقناع المواطن أسرع وأهم من أى حساسيات تجاه الخارج.
نقول هذا بمناسبة القلق الذى أبداه البعض من انسحاب مركز "كارتر" من القاهرة وإغلاق مكتبه، بعد مايقرب من أربع سنوات راقب الانتخابات، وأصدر شهادات وتقارير. لم تكن التقارير تختلف عن تقارير منظمات مصرية، ربما كانت أقل. اليوم يعلن مركز كارتر انسحابه، وهو مثل كل المراكز والمنظمات المدنية لديها تصورات وأهداف قد تتفق أو تختلف مع الأهداف المحلية. وتركز على أشخاص وأسماء معينة تدافع عنها، لكنها لاتهتم بالأسماء المجهولة لمساجين أو مناضلين. ولدينا تجارب تكشف عن انحياز بعض منظمات الحقوق لأهداف وأشخاص، بل وتتورط كثيرا فى الكذب وتعتمد على مصادر مجهلة. لكن عقدة الخواجة لدى البعض تجعلهم حساسين تجاه أى كلام من الخارج، وصامتين أمام الحقيقة فى الداخل.
ولدينا تجربة التعامل مع مقال صحيفة مثل نيويورك تايمز، والذى انتقدت فيه الإدارة المصرية. المقال لا يتضمن جديدا ولا يختلف عما ينشر فى إعلام أمريكا، ومع هذا أثار حساسية بعض المحللين، واتخذه البعض من خصوم النظام دليلا عى موقف باعتبار الصحيفة مقربة من القرار، بينما دعا بعض المحللين الموالين بأن ينتبه النظام ليرد ويفند. وأننا فى حاجة لأن نشرح للعالم ولأمريكا موقفنا ونقنعهم.
كل هؤلاء المنفعلين القلقين أو المؤيدين يعرفون أن الصحافة الأمريكية ليست ميزانا للموضوعية، وأن لها انحيازاتها الاقتصادية والسياسية، وهذه الصحافة سقطت تماما وفقدت بريقها بعد حملات الكذب حول أسلحة الدمار والديمقراطية قبل غزو العراق وأثناء الغزو. وهى جريمة شارك فيها الإعلام، الذى يعبر عن مصالح أمريكا أو مصالح رجال المال والأجهزة. ومع اتساع وسائل التواصل، فقدت الكثير من الأدوات والمؤسسات بريقها، وبدت بشرية فى أخطائها. ومع هذا يصاب البعض بالأرتكاريا من أى كلام خارجى.
ربما كان الأجدى أن نعرف أنه لدينا مشكلات وأخطاء، ولدينا إعلام فى حاجة لإعادة نظر، يفترض أن يتخلى عن لهجات التعالى والشتائم والهجوم، ويتفرغ لتقديم الحقيقة.
وعلى السادة المحللين السلطة أن يبحثوا عن مشكلات الداخل. لقد كان اهتمام مبارك والحزب الوطنى بالخارج أكثر من اهتمامهم بالداخل، وهذا لم يعفهم من غضب الداخل. الحل أن نعترف بمواطنينا وحقهم فى التعبير والغضب والانتقاد، قبل أن نهتم بالخارج. مع العلم أن الإعلام فى الغرب وأمريكا لم يكن معنا فى يوم من الأيام.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة