الرادارجى تسمية مبتسمة أطلقها زملاء سلاح نقيب دفاع جوى سامح فرج مؤلف كتاب نوتة الرادارجى، الذى عرف نفسه أيضا «مؤلف معجم فرج للعامية المصرية»، الكتاب فى غاية العذوبة، ويسجل صاحبه لحظات مضيئة للعسكرية المصرية العظيمة وهى تستعد للثأر من إسرائيل، فرج خريج الهندسة خدم خمس سنوات بدءا من سنة 1970، ودون فى نوتته رحلته من التجنيد فى كلية الضباط الاحتياط فى إسنا مرورا بمعظم المطارات، والتقط حكايات تؤكد على عبقرية المهندسين المصريين الذين أذهلوا الروس بحلولهم الخلاقة وأشار إلى أبطال حقيقيين.
الصدق الذى يحمله الكتاب الصادر مؤخرا عن دار ميريت، يجعله أقرب إلى الأدب من التوثيق، ويشير إلى طاقة من الشجن لم نلمسها فى كتابات المتخصصين، يحكى مثلا أنهم فى ربيع سنة 71، بعد أن انتهوا من معاينة موقع محطة رادار فى جنوب مصر، قرروا التمشية «كنا أربعة نرتدى الزى الميرى الكاكى، خرجنا من الموقع واقتربنا من زراعات القصب الكثيفة، وظللنا نسير، وكان هناك مصرف يشق حديثا، تجمع أسفله العشرات عمال التراحيل، كانوا يغنون أغانى حزينة، وما أن اقتربنا منهم حتى توجس الجميع خيفة منا.. خفتت أصوات الغناء، انضموا إلى بعضهم البعض متلاصقين فى كتل منحنية كأنما يتفادون رؤيتنا.. أصبحنا فى منتصف المجموعة والكل منكمش، كان أكبرنا رتبة من سوهاج صاح فى العمال بكل الشموخ والمودة وبلهجة أهل الصعيد «الله يعطيكم العافية»، تنفسوا الصعداء وصاحوا جميعا وفى نفس واحد «ويعافيك ياخال».. وبعد أن ابتعد الأربعة تناهى إلى أسماعهم أغانى العمال الحزينة.. مرة أخرى.