من النادر أن نرى مسؤولًا سابقًا فى بلدنا يتحدث بصراحة عن الأخطاء التى ارتكبها أثناء شغله لمنصبه، إما نراه يتحدث عن إنجازاته، أو يتحدث عن أخطاء الآخرين، أو يتحدث عن موجة الشجاعة التى كان عليها، وأنه قال كذا وكذا.
على هذه القاعدة يتحدث مبارك عن التوريث، ينفى تماما أنه كان يعد المسرح لابنه جمال، يقول للزميل مجدى الجلاد: «والله العظيم ما كان فيه حاجة من دى خالص، إزاى واحد يفكر إنى كنت ناوى أورث الرئاسة لابنى، ده أنا كنت ناوى ما أرشحش نفسى للرئاسة بعد كده، أنا كنت تعبت خلاص وعايز أرتاح، ثم إن جمال ابنى كان له دور فى الحزب الوطنى، يعنى لا رئاسة ولا دياوله، وأنا نفيت الكلام ده كتير، وماحدش صدق، وكمان هى مصر عزبة علشان أورثها لإبنى، ومين كان هيقبل التخريف ده».
هذه الوصلة من الدفاع تتنافى كلية مع ما كان واقعًا على الأرض قبل ثورة 25 يناير، تتناقض مع كلام طرحه مبارك نفسه، قال فى خطاب له، أنه سيحكم طالما فى صدره نفس للحياة، قالها هكذا بوضوح أدى بالبعض إلى القول إنها رسالة إلى الابن وفريقه الذى كان مبدورا فى الحزب الوطنى والحكومة ومؤسسات أخرى فى الدولة، وحين يتحدث الآن عن أنه كان ينتوى عدم ترشيح نفسه، فهذا هو الكذب بعينه، لأنه هو نفسه تحدث عن أنه سيحكم طوال عمره، وفى عام 2010 تحدث صفوت الشريف أمين عام الحزب الوطنى عن أن مبارك هو مرشح الحزب الوطنى فى انتخابات الرئاسة المقبلة.
لم يكن إعلان صفوت الشريف عن ترشيح مبارك، بمثابة تكذيب لمسألة التوريث، وإنما كانت تعبيرًا عن صراع أجنحة داخل الحزب الوطنى ومؤسسات الحكم، صراع بين فريق يريد ترشيح جمال مبارك للرئاسة، وفريق يتمسك بمبارك نفسه ليس رفضا للتوريث من منظور وطنى، وإنما خوفا على ذهاب النفوذ والخروج من المشهد كله، وكان صفوت الشريف من هؤلاء، فى مقابل تصاعد كبير فى نفوذ المهندس أحمد عز الذى كان يقود فريق التوريث.
يتحدث مبارك عن أن ابنه جمال كان له دور فى الحزب الوطنى: «يعنى لا رئاسة ولا دياوله»، وهو فى ذلك يحتاج من المصريين أن ينزعوا عقولهم من رؤوسهم حتى يصدقوا أن وجود جمال فى الحزب كان لوجه الله والوطن، وأنه لم يكن يهندس الحزب على مقاسه الخاص، ومقاس المرحلة المقبلة التى كان يتم تفصيلها على أنه سيكون رئيسًا لمصر، ويكفى أن أى عضو فى الحزب الوطنى كان يتعامل مع جمال مبارك بوصفه الرئيس القادم، ووصل الأمر ببعضهم إلى تعليق صوره الشخصية إلى جانب صور مبارك، وكان ذلك تعبيرًا عن أننا كنا فى جمهورية يحكمها الأب والابن.
فليتحدث مبارك كما يريد فى نفى التوريث، وليتحدث كما يريد فى أنه كان قد بلغ به التعب حدًا يدفعه إلى طلب الراحة، فهذا كله لا ينفى جريمته هو وابنه عن الكثير والكثير، لا ينفى جريمة تزوير انتخابات مجلس الشعب عام 2010، بإشراف جمال وأحمد عز وحبيب العادلى، وذلك لتهيئة المسرح لجمال الذى ظن أن امتلاكه للبرلمان سيعنى حكمه لمصر فيما بعد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن من جمهورية مصر العسكرية
طيب ماذا عن الوريث العسكرى للحكم منذ أزمة مارس 1954 وحتى الآن ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
صوت العقل
وكأن الوضع الحالى هو الأحسن مما سبق ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
النسر
كل سد و أنت طيب يازول !
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد الشيخ
بدون عنوان حتى يرضى عنا محرر الصفحة وينشر
عدد الردود 0
بواسطة:
بيريل
4- ويبقى السؤال .. من وراء مجدى الجلاد ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو عواطف
4- جريمة التعاطف الجديدة فى بلاد المحامى \ خالد الشيخ
عدد الردود 0
بواسطة:
yosry
صناعه الدجل حصريا بمصر
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد ابراهيم
حرام كفايه تمهيد للبرائه
عدد الردود 0
بواسطة:
TITO
إلى الأخوانى رقم 1 ورقم 2 مصر أفضل الآن بكثير من حكم المرشد
عدد الردود 0
بواسطة:
ياسين على ياسين
عملاء مأجورين اتقوا الله فى الرئيس مبارك وكفاية تشويه