«هو القرد لسه بيتنطط ولا بطل تنطيط» جملة اشتهرت فى فيلم «جرى الوحوش» على لسان محمود عبدالعزيز، بعد تبرعه «بالأنترلوب» لنور الشريف. دائما ما ترد هذه الجملة على الذهن، من متابعة ومشاهدة عدد من محدثى السياسة الذين ولدوا فى السنوات الأخيرة، وتصوروا أنهم يفهمون «كل حاجة»، بعضهم عين نفسه متحدثا باسم 25 يناير، والبعض اختار أن يكون وكيلا لثورة يونيو. وكلا النوعين من الوكلاء، يبدو فى كثير من الأحيان مجرد قرد «بيتنطط». ومع الفرق فى المواقف، تبقى الجملة معبرة، نحن خلال أربع سنوات إلا قليلا من ثورة يناير ومع اتساع وسائل النشر والتواصل والفضائيات، أصبحنا أمام ظاهرة «القرد» المستعد لعمل أى شىء من أجل الشهرة.
وهؤلاء فى كلا المعسكرين التأييد والمعارضة، ينتشر هذا النوع من «راغبى الشهرة الحرام» وكل منهم لديه الاستعداد لعمل عجين الفلاحة ونوم العازب من أجل أن تتناقل الإعلام والوسائط ومواقع التواصل آراءه وصوره. تماما مثل بعض الممثلين «الكاراكترات» الذين يفضل الواحد منهم أن يظل يلعب دور الشرير أو الحرامى أو البلطجى ليستمر فى العمل، بمبدأ «عيش كاراكتر تشتغل أكتر». هؤلاء السادة السياسيون أو النشطاء أو الكتاب، مستعدون لاتخاذ مواقف متناقضة ومختلفة بحثا عن دور أو كاميرا. ورأينا كيف انقلب من كانوا يبالغون فى تأييد السلطة إلى معارضين بين يوم وليلة وبنفس الطريقة والصوت والصورة. وفى هذا كان اثنان من المتابعين يتحدثان، قال الأول: إن فلانا من شعراء الثورة وله آراء مهمة، فسأله الأول: لم أر له شعرا ولا نثرا ولا رأيا سياسيا وإنما «عك» مثل كثيرين عينوا أنفسهم وكلاء للثورة، يزرعون الاكتئاب والقنوط، وكلما انحسرت عنهم الأضواء اخترعوا موقفا متطرفا، وقال: هذا الشخص خليط من السطحية والتعصب ويبدو عنصريا فى السياسة. استمع الصديق لمحدثه وقال كيف لا يكون شاعرا وهو من أسرة أدبية؟. فرد صديقنا بأن العقل لا يورث، وهل تسمى الهذيان الذى يكتبه شعرا؟.ثم إنه راهنه وطلب منه أن يذكر للشاعر المزعوم بيت شعر واحد فصمت صاحبنا.
وعاد الأول ليقول إن الشاعر المزعوم لا يختلف عن كاتب أو كاتبة، كان متطرفا فى التأييد للنظام، ولم يستعن بهم فانقلب بعضهم بنفس الطريقة، وفى كلا الحالين كان كل منهم يحصل على جرعة شهرة. وتظل القضية ليست فى مكان الشخص من السلطة أو المعارضة، لكن أن يظل القرد «بيتنطط».