رجل يمشى - أرشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لو فكر أحد برامج "التوك شو" فى عمل تقرير فى الشوارع بين الشباب وربما الكبار أيضا، وسألهم عن العام الهجرى الجديد الذى يبدأ السبت الخامس والعشرين من أكتوبر، وكان السؤال نحن فى أى عام هجرى؟ أخشى أن نجد نسبة كبيرة لن تعرف أنه العام الهجرى 1436، وما هو الفرق بين التقويم الميلادى والهجرى والقبطى؟ بل ما أخشاه أيضا أن تجد نسبة كبيرة لا تقف عند سبب اختيار حدث الهجرة كبداية للتقويم الهجرى! ولماذا كانت الهجرة النبوية؟ وما المغزى من توقيت الرحلة وتفاصيلها؟ وكيف نستفيد من هذه القيم فى وقتنا هذا؟
والحقيقة أننى يجب أن اعترف أننى أجهل الكثير من المعلومات التى تساءلت عنها ربما جهلا تاما وربما نسيان، لكن المؤكد أننى وجدت أنه من واجب كل مسلم بل وكل مصرى أن يجعل من كل احتفالية بأى عيد يمر على بلدنا الحبيبه ألا يكون مجرد بوستات تهانى على الفيس، وبعض الأغانى والأفلام المناسبة التى تظهر على أغلب القنوات فى وقت واحد وربما يظهر جديد ولكن بشكل نادر كل عدة أعوام.
وسعيا نحو الحصول على أجوبة للأسئلة التى اجتهدت قدر استطاعتى فى الحصول على معلوماتها من مصادر موثوقة لكننى أدعو كل من يقرأ مختصراتى إلى البحث والاستزادة عن تفاصيل هامة لكل مسلم بل وكل مصرى:
1- التقويم الهجرى يعتمد أساساً على دورة القمر التى تقابل الدورة الشمسية فإن العام الهجرى أقل من العام الميلادى بأحد عشر يوما.
الشهور فى العام الهجرى لا ترتبط بالمواسم التى يتم تحديدها أساسا عن طريق الدورة الشمسية، مما يعنى أن الأعياد الإسلامية التى دائماً فى نفس الشهر من كل عام، قد تأتى فى مواسم مختلفة، فالحج وشهر رمضان على سبيل المثال يمكن أن يأتيا فى فصل الصيف أو الشتاء على حد سواء.
2- الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضى الله عنه أول من بدأ التأريخ للأشهر القمرية بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، حيث جعل حادث الهجرة أول التقويم الإسلامى، وكان ذلك عام 622 ميلادية، وصارت عادة أن يشار إلى التقويم الهجرى عند كتابة التاريخ به بالاختصار (هـ) فى الكتابة باللغة العربية، وقد كان ذلك يوم الأول من المحرم من العام الهجرى يقابل السادس عشر من يوليو عام 622 من الميلاد.
ويتكون العام الهجرى (الإسلامى) من اثنى عشر شهراً قمرياً وهى بالترتيب
محرم - صفر - ربيع الأول - ربيع الآخر - جمادى الأولى - جمادى الآخرة - رجب - شعبان - رمضان - شوال - ذو القعدة - ذو الحجة.
ومن المناسبات التى تخلل العام الهجرى (الإسلامى) رأس السنة الهجرية وهى الأول من المحرم، وذكرى الإسراء والمعراج ويجعلونها فى السابع والعشرين من رجب، وبداية الصيام فى شهر رمضان وليلة القدر وتكون فى العشر الأواخر من شهر رمضان، وعيد الفطر ويكون أول شوال، وعيد الأضحى ويكون فى العاشر من ذى الحجة، وموسم الحج ويكون فى الفترة ما بين الثامن إلى الثالث عشر من ذى الحجة.
3- للهجرة معانى مذكورة بوضوح فى القران بسهوله لا تحتاج الى تفاسير فيقول الله تعالى :
"ومن يهاجر فى سبيل الله يجد فى الأرض مراغما كثيرا وسعة" (النساء 100).
وهذه المعانى كلها ما زالت صالحة لكل زمان ومكان روى أبو داود بسند صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها"، وهجرة المكان الذى يتسلط فيه حكام ظلمة إن خاف على إيمانه ولم يجد معينا، مطلوبة بقوله تعالى: "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها" (النساء 97)
ثم بين الله تعالى فائدة هذه الهجرة: "ومن يهاجر فى سبيل الله يجد فى الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله" (النساء 100)، ولا يعفى الإنسان من هجر الظلم والظالمين إلا نية الجهاد ولهذا قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية" رواه الدارمى عن ابن عباس رضى الله عنهما و قال صلى الله عليه وسلم "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهاه الله عنه".
4- ولقد هاجر أنبياء الله فى أكثر من زمن مثل إبراهيم الخليل عليه السلام فقد قال عز وجل: "فآمن له لوط وقال إنى مهاجر إلى ربى إنه هو العزيز الحكيم" (العنكبوت 26)، وموسى عليه السلام قال فيه الله عز وجل: "وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إنى لك من الناصحين" (القصص 20)، وكذلك قال فيه: "ولقد أوحينا إلى موسى أن اسر بعبادى فاضرب لهم طريقا فى البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى" (طه 77) وقال الله تعالى كذلك: "وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادى إنكم متبعون" (الشعراء 52) وفى كل هجرة يأتى الفرج ليستفيد المومن الداعى إلى الله عز وجل أن بعد الكرب الفرج، وأن مع العسر يسرا.
5- ولقد كانت للهجرة قيم هامة جدا كانت سببا فى نجاحها اولها تضحية كل من هاجروا ببيوتهم واستقرارهم سعيا لنشر رسالة الاسلام وثانيها - معية الله عز وجل: يقول الله تعالى: "وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" (الأنفال 30)، فالله عز وجل لا ينسى نبيه صلى الله عليه وسلم كما لا ينسى عباده المومنين "إن الله يدافع عن الذين آمنوا" (الحج 38)، وإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون" (النحل 128)، وهذا ما انطبق على حادث الهجرة، حيث يقول الله عز وجل: "إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثانى اثنين إذ هما فى الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا والله عزيز حكيم" (التوبة 40).
وثالثها عدم تعلق القلب بشىء آخر غير الله عز وجل: فى حادث الهجرة درس بليغ حيث قال صلى الله عليه وسلم "إنك من أحب بلاد الله إلى قلبي، ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت"، وهذا طبيعى فيها نشأ صلى الله عليه وسلم وترعرع، وفيها نزل عليه صلى الله عليه وسلم الوحي، ولكن رغم ذلك لم يستكين إلى حبها وفضل حب الله عز وجل ورضاه ودعا ربه" اللهم وقد أخرجتنى من أحب البقاع إلى فأسكنى فى أحب البقاع إليك" ورابعها إن مع العسر يسرا: العبرة بالخواتيم، والمؤمن معرض دائما للاختبار، ولكن الله عز وجل يختار للمومن خير الدنيا والآخرة، ويختم له بالحسنى وزيادة، فمهما أصابه من قرح فإن بعده فرح، وإن مع العسر يسرا، وفى الهجرة النبوية درس بليغ لذلك حيث بدل الصحابة أهلا خيرا من أهلهم، وبارك لهم فى مكان جعله طاهرا لهم.
ولقد كانت رسالة الرسول إلى النجاشى المسيحى ليكون ملجأ للمهاجرين من المسلمين من أكثر الدروس التى تؤكد على أن مصدر الرسالات واحد وأن اختلافنا قوة سواء اختلاف الأديان أو المذاهب
كل عام وكل مصرى ومسلم بعيد رأس السنة الهجرية 1436، ونتمنى أن نجد فى الإعلام المصرى هذا العام تناول جديد للمناسبة بدلا من القوالب الجامده التى اعتادتها القنوات بافلام متكررة وضيوف يكررون نفس الكلام فيجب ان ننزل الى الشباب والجمهور فى كل مكان ونستطلع رؤاهم وأفكارهم ونطرح ما سبق من نقاط لعلنا نستفيد ما أراده الله لنا من هذا الحدث الجليل.
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة