حين هبطت بنا الطائرة فى مطار محمد الخامس بالدار البيضاء فى المغرب، تذكرت فيلم (كازابلانكا) الذى لعب بطولته عام 1942 نجم هوليود همفرى بوجارت والفاتنة أنجريد برجمان، ذلك أن أحداث الفيلم الشهير كانت تدور فى (كازابلانكا)، وهو الاسم الأجنبى للدار البيضاء، وكانت ظلال الحرب العالمية الثانية تسيطر على الواقع اليومى فى ذلك الوقت، وتسطو على الشاشة البيضاء أيضًا فى هذا الفيلم الآسر.
لأن هذه أول زيارة لى للمغرب فقد تركت نفسى أتأمل الناس والمكان والأشياء، وقد استقبلنا المسئولون عن مؤسسة جائزة البابطين للشعر بكل اهتمام، واصطحبونا من الدار البيضاء إلى مراكش حيث الإقامة ومقر الاحتفالية بمناسبة مرور ربع قرن على إطلاق هذه المؤسسة التى تحاول تحت قيادة رئيسها الشاعر الكويتى الكبير عبد العزيز سعود البابطين أن تعيد للشعر العربى حضوره وبهاءه.
المسافة بين المدينتين تتجاوز 200 كيلومتر، والطقس لطيف، وإن كانت نهايات الصيف تواصل محاولتها الأخيرة قبل الغياب أمام جيوش الشتاء المقبل، فأمدت الشمس بحرارة ساخنة حادة إلى حد ما.
إذا أردت أن تعرف تطور بلد ما، فتأمل شوارعه ونظامه المرورى، وهكذا قطع الباص الطريق من الدار البيضاء إلى مراكش فى شوارع نظيفة مستوية.. مرصوفة باعتناء.. الأمر الذى جعلنى أتذكر بحسرة الطرق البائسة فى القاهرة وأتألم وألعن الذين أهانوا العاصمة المصرية وأذلوها.
طوال الطريق لم نكن نرى سوى مساحات شاسعة من الأرض الترابية المستوية التى يمكن وصفها بحقول طرحت ثمارها وجمعها الفلاحون، وإن كنا لا نعدم رؤية قرى صغيرة نظيفة يحيط بها حقول التين والصبار، وفى آخر الأفق قد تلوح لنا جبال راسخة محاطة بغلالة من ظلال.
المشهد فى مجمله بديع يمنحك ساعات من الهدوء والتخفف من ضغط الحياة اليومية فى القاهرة، لكن الأجمل أن المدعوين لهذه الاحتفالية يمثلون نخبة من مبدعى العالم العربى، فهكذا التقيت مع أدباء ونقاد وصلوا من تونس والجزائر ومصر والسعودية والكويت ولبنان وسوريا والعراق والأردن وفلسطين إلى آخره.
أى أن الثقافة هى أجمل وأنبل ما يوحد الشعوب، فالشكر واجب لمؤسسة البابطين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة