فى يونيو 67، استخدم الإسرائيليون قنابل جديدة لضرب ممرات المطارات العسكرية المصرية، سميت بقنابل الباراشوت بطيئة الانفجار، كانت تحدث حفرة فى ممر الطائرات بقطر 3 مترات وبعمق متر ونصف المتر، بما تعوق إقلاع أى طائرة، خاصة أن مطاراتنا وقتها لم تكن مجهزة بوحدة مهندسين ميدانية لإصلاح الحفر، وهو ما يترتب عليه شلل تام فى سلاح الطيران المصرى.
الأزمة ليست فى ضرب المطارات، كان الأمر متوقعا، ولكن فى أن الجيش المصرى بكل أجهزته لم يكن لديه معلومة عن قنابل الباراشوت الجديدة للعدو، ولا حتى معلومات أخرى عن الأعداد الحقيقية للقوات الإسرائيلية.
الدرس الأكبر من هزيمة يونيو أن الحروب، لا تحسم بالسلاح والتعداد العسكرى فقط، ويبقى الجانب المعلوماتى عاملا أساسيا وحاكما فى كتابة نهاية أى نزاع حربى بين دولتين، وانطلاقا من تلك القاعدة، كان سلاح المعلومات فى أكتوبر.
لعبت المخابرات العامة والحربية دورا مهماً فى معرفة أعداد القوات الإسرائيلية وانتشارها بطول الجبهة والسلاح الجديد الذى تحصنت به، وجانب من خططها العسكرية المختلفة ومواقع النقاط الحصينة بامتداد ساحة المعركة، ولعبت دورا مهماً أيضا فى تغيير شفرات الاتصالات اللاسلكية بين الوحدات والقيادة العامة خاصة بعد تصنت الإسرائيليين عليها وحلها فى أكثر من واقعة فى الفترة من 67 وحتى بداية 73، وباتت مشكلة الشفرة تشغل عقل الجيش المصرى، وهو كيف يتوصل إلى لغة جديدة بعيدة عن عيون الإسرائيليين نستخدمها فى أكتوبر.
حكاية شفرة الاتصالات وراؤها بطل، مواطن نوبى يدعى حسين عبده، كان يعيش فى الإسكندرية وبعد النكسة أرسل إلى أمين هويدى مدير المخابرات المصرية وقتها، طالبا منه إعادة استخدم اللغة النوبية كشفرة للجيش المصرى خاصة أنه تم استخدامها بنجاح فى وقت سابق بحرب 48 وقت حصار الفلوجة.
وافق هويدى على الفكرة، وبدأ تطبيقها فى حرب أكتوبر، بعد أن تم توزيع النوبيين على الوحدات باعتبارهم جنود الإشارة الأساسيين للتواصل مع القيادة العامة، وكانت كلمة «أوشريا» هى الكلمة الأشهر فى قاموس الشفرات النوبية بحرب أكتوبر، فمعناه العربى «اضرب»، وبتلقى كل الوحدات إشارة «أوشريا»، بدأت ساعة الصفر وانطلق الجميع ليقاتلوا فى معركة الكرامة.
إلى من لا نعرفهم من رجال المخابرات والمعلومات فى الجيش المصرى، إلى من قدموا الكثير لاسترداد سيناء، شكرا لدوركم ولأبنائكم وأحفادكم أن يفخروا بكم، وشكرا لإخواننا من أهل النوبة أصحاب شفرة الانتصار.
انطلاقا من ضرورة إعادة الحق لأكتوبر ورجاله، وإعادة الحق للنصر العظيم وفى محاولة للحفاظ على التاريخ من السرقة، أخصص هذه المساحة يوميا على مدار شهر أكتوبر لكتابة قصص أبطال معركة أكتوبر، تخليدا لذكراهم. أدعو القارئ الكريم أن يشاركنى الكتابة ويرسل لى قصص أبطال تستحق أن تخرج للنور.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة