وما الحياة فى مصر إلا شاشات كبيرة كثيرة وأغلب ما فيها ليس كبيرا وكثيروها ينتهك الوطن ويؤخره، تنظر هنا فتجدهم إما يصيحون بأعلى ما توفر من صراخ فج وسباب وألفاظ لا تخرج إلا من أفواه
المخمورين أو المعتوهين يمطرون المشاهد بكل رصاصات الفجاجة والبذاءة التى لا تقال إلا فى الأماكن المشبوهة. وتنظر هنا تجدهم يتبادلون الاتهامات وينسب كل طرف الفضل والعبقرية لنفسه، بل يتحدث وكأنه الشعب المصرى وتتعجب لجسارة الوهم وضخامته عند البعض.
وفى رحلة البحث عن إعلام مختلف تشاهده بحثا عن مستوى أفضل سيصدمك بشر نذرت حياتها للانتقام والشماتة والانتقاد.يقفون عند الماضى القريب وكأن كل مشاكل الوطن من فقر وبطالة وجهل ومرض سوف تنتهى إذا تم إعدام مبارك، وتستمر إذا حصل على البراءة، رغم أننا لسنا قضاة ولسنا فقهاء فى القانون وأيا ما كان الحكم فلن يمحو خطاياه ولن يسحب ما له من إنجازات، وشاشات أخرى يتبارى أصحابها فى تأكيد أن مبارك برىء وعظيم وليت الزمان يعود بمصر إلى عهد مبارك.
هذه النماذج الصورة الأكثر ضجيجيا وهى الأعلى صوتا فى الإعلام الآن، فهل هذه النوعية تع
بر عن مشاكل المصريين وهل هذا الإعلام يمكن أن يعبر بمصر من الأنفاق المظلمة لنقاط مضيئة، أم أنه عن جهل أو عن عمد يقدم كل التشتت ويعمق انعدام الموضوعية واللامبالاة لتبقى الثقافة السمعية والسطحية سيدة الموقف، وكان التراجع مشروعا قوميا نعمل فيه جميعا بجهد جهيد، والأنكى أن الأغلبية منا تعتقد فى نفسها الفهم العميق وتصفق لهذه النوعية الرديئة التى يرونها على الشاشات، وكأن الشتيمة وتبادل الاتهامات أصبحت مزاج المصريين، أما التقدم والرقى فلا يهم وكأننا أسرى اللحظة ولا يعنينا المستقبل ولا نسعى لرؤيته، والمفارقة أن طموحاتنا كبيرة ولكنه الطموح الذى لا يتحقق بأيدينا، وإنما علينا أن نحلم وأن نريد فقط وعلى الدولة والآخرين تحقيق ما نريد، أما نحن فليس لنا حول ولا قوة، ولكن لدينا حقوقا ونريد ونريد ونريد ونستسلم لتفاهات إعلامية ونستغرق فيما لا يفيد ونغرق فى همومنا اليومية وكفى المصريون شر العمل والنضال لتغيير الحاضر إلى مستقبل أفضل.
الإعلام لابد أن يكون مركزا لقيادة الوعى وطرح القضايا الكبرى بالطريقة التى يجب أن تقدم بها وليس كيفما اتفق أو حسب التساهيل.
الإعلام لابد أن يكون إعلام الحاضر والمستقبل وليس الماضى، فما يحدث الآن يؤكد أننا أسرى الماضى ولا نملك من أمرنا شيئا، إلا أن نحاكمه وننتقده.
الإعلام لابد أن يمتلك خطة تنويرية، مؤكد هناك محاولات ولكنها تضيع هباء منثورا لأن أغلب الإعلام إما تضليل وإما جهل وعتمة.
الإعلام الآن قبل التعليم عليهما المسؤولية الرئيسية لسيادة نظام التجهيل والسب والقذف وإطلاق رصاص الألفاظ البذيئة القذرة.
إذا بقى الإعلام على حاله فهو مرآة لهذا المجتمع، وبالتالى فسنبقى غارقون فى المستنقعات التى تتكاثر فيها العفونة التى لا تبث إلا الروائح الكريهة، والإعلام عليه مسؤولية إحراق واحتراق الوطن أو انتشاله من ظلماته وتصحيح قيادته للتقدم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة