يعرف سلاح الإشارة فى العلوم العسكرية بأنه عصب المعركة.. هو السلاح المنوط به مد خطوط الاتصال، وبدونه تصبح وحدات الجيش فى معزل تام عن القيادة العامة، وخطأ جندى واحد بالإشارة قد يترتب عليه هزيمة للجيش، ونجاح جندى واحد أيضًا يترتب عليها تفوق عسكرى.
وبين الهزيمة والتفوق العسكرى واقعتان، الأولى فى الثامنة صباحًا يوم 5 يونيو 67، أرسلت محطة الإنذار المبكر بقرية عجلون بالأردن إشارات إلى مصر، وتحديدًا إلى مركز عمليات القوات الجوية، ومكتب شمس بدران، وزير الحربية آنذاك، مفادها رصد موجات من الطائرات الإسرائيلية تتجه نحو مصر مترجمة بالاسم الكودى «عنب – عنب – عنب».
فى مركز عمليات القوات الجوية أخطأ عريف الاتصال فى استقبال الإشارة، وفى مكتب شمس بدران تجاهل الضابط المسؤول عن الاستقبال تلك الإشارة، ولم يخبر بها الوزير، وترتب على الخطأين أن مصر ضاعت من يدها فرصة 45 دقيقة قبل المفاجأة الإسرائيلية، كانت تستطيع أن تستعد فيها.
أما الواقعة الثانية فكانت مساء يوم 22 أكتوبر 73، حيث انقطع الاتصال بين قيادة الجيش الثانى الميدانى، وكتيبة اقتحام المظلات 85.
تولى ملازم أول بسلاح الإشارة وقتها يدعى عباس خريبة مهمة إعادة الاتصالات من جديد بين الكتيبة والقيادة العامة، عن طريق إعادة توصيل «سلك الاتصال» بـ«بوكس التليفونات» الموجود فى معسكر عبدالخالق ثروت، القريب من مقر الكتيبة، فتحرك عباس خريبة فى منتصف الليل من مقر الجيش الثانى، ووصل إلى جبل مريم، وهناك كانت مفاجأتان، الأولى أن الكوبرى أعلى ترعة الإسماعيلية الذى سيعبره ليصل إلى المعسكر حيث يوجد «بوكس التليفونات» منهار من جراء العمليات العسكرية، وليس هناك أثر لكابلات الاتصالات المفترض أنها تمر أعلى الكوبرى.. ظل خريبة لوقت يبحث عن الكابل، فوجده بالقرب من ترعة الإسماعيلية مقطوعًا، فظهرت مشكلة جديدة لأن الكابل يتضمن 52 سلكًا، بمعدل 52 خطًا، والاتصال سيعود بتوصيل سلك واحد فقط من بين الـ52، لكن ما هو الخط، والسلوك أقرب للوصف بـ«شبكة الكونافة».
عبقرية خريبة ظهرت هنا، كان يحمل «تليفونًا يدويًا» أوصله بالسلوك بشكل متتال، وأجرى عدة اختبارات حتى نجح فى الاتصال بـ«تحويلة السويس»، وطلب منهم أن يتصلوا بشكل متكرر على خط كتيبة المظلات وألا يتوقفوا حتى يرد عليهم.
وبالفعل نجح البطل خريبة من إعادة الاتصال، وتحقيق التواصل بين الكتيبة والقيادة العامة، وبقيت الكتيبة درعًا واقيًا للجيش الثانى الميدانى ضد أى هجوم إسرائيلى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة