كل هؤلاء شاهدوا بوابة المدرسة وهى متآكلة، وكان يمكنهم التحرك وإنقاذ التلميذ يوسف من الموت لو كان أى منهم يقوم بعمله أو يشعر بالمسؤولية.. هل كان يجب أن تسقط بوابة على يوسف وتقتله، حتى يتحرك الوزير ليقرر تشكيل لجنة لفحص المبانى، وهل يتوقف سقوط البوابات والجدران وألواح الزجاج لمجرد تشكيل لجنة؟.
تأمل وتصور كمواطن عاقل راشد، أن بوابة المدرسة كانت متآكلة ويأكلها الصدأ ويمر عليها ناظر المدرسة ومديرها ووكيلها والمعلمون، وطبعا رئيس المدينة وربما المحافظ، ومعنى سقوطها أن أحدا من كل هؤلاء لم يرَ نفسه مسؤولا عن إصلاحها، وأن التقارير التى رفعها المدراء والمحافظون عن الاستعداد للسنة الدراسية كانت تقارير نظرية ورقية خالية من المعلومات.
بعد خراب «مالطة» ومقتل يوسف بمطروح، قالت المدرسة إنه تم رفع تقرير للمديرية عن إصلاح البوابة، وأن هيئة الأبنية التعليمية لديها خبر بذلك. ولنا أن نتصور عدد البوابات والجدران والفصول والمدارس الآيلة للسقوط، والتى يفترض أن تتحرك هيئة الأبنية لإصلاحها. وطبعا كنا ننتظر الكارثة لنشكل لجنة تنبثق عنها لجنة، لبحث الجدران والبوابات والفصول. هذه اللجان تعمل لفترة، ثم تتوقف لنفيق على كارثة جديدة.
الموضوع هنا أكبر من الوزير، بالرغم من مسؤولية الوزير ووكيل الوزارة ومدير الإدارة.. علينا الاعتراف بأننا أمام فيروس الإهمال والاستهبال، وغياب دور المحليات والمسؤول المحلى من رئيس المدينة للمحافظ وكل من لهم سلطة وعليهم دور. غياب نظام متابعة وعقاب حقيقى، مسؤولية الوزير فى اختياره لمسؤولى إدارات ووكلاء بالأقدمية أو المحسوبية واستبعاد الكفاءات المدربة والشابة. ولا يمكن استمرار الحال بهذه الطريقة. وأن ننتظر الوزير ليقرر أو رئيس الوزراء ليتحرك، أو الرئيس ليتدخل. فهذا يعنى ببساطة أننا فاشلون وأن الوزير لا يجيد اختيار معاونيه وممثليه، وأن المحافظ ورئيس المدينة والحى يحصلون على رواتبهم بلا عمل.
لقد خرج المتحدث باسم الوزارة ليؤكد أن أرواح التلاميذ ليست لعبة وأن الحادثة لن تتكرر، وقال إن هناك 50 ألف مدرسة تحتاج للترميم وأنها تراكمات العقود الماضية، لقد تحرك المحافظ والوزير وصرفوا التعويضات لوالد التلميذ الضحية، ولو تحرك أى من هؤلاء ليتابع ويصلح بوابة بعشرات الجنيهات لما احتجنا لكل هذا، الصدأ لم يأكل البوابة، بل يأكل عقل الحكومة وإدارتها ومحافظيها ورؤساء مدنها وأحيائها. هناك اعتراف عام بأن فيروس الإهمال والاستهبال ضرب كل مكان، ونحتاج الى تغيير الطريقة التى تقود للكوارث، وتجعل المسؤول لايشعر بالمسؤولية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة