كان الشاب من المغامرين هو وأصدقاؤه قدمت عنه «ناشيونال جيوجرافيك» فيلمًا وثائقيًا، الرجل يتسلق الجبال الصعبة من دون الحبال الخاصة بالمتسلقين، ويمشى على حبل بين جبلين على ارتفاع شاهق، ويطير من قمم الجبال للسفح، وصمم بدلة للطيران لمسافات بين الجبال قبل الهبوط بالمظلة. الرجل مولع بكل ماهو صعب ومرعب، وحتى الآن ينجح فى مغامراته، وهو نفسه يعرف ويقول عن خطأ واحد يعنى أن يفقد حياته.
الرجل الذى لايكف عن فعل المغامرات القاتلة، يتحدث ويقول إنه منذ صغره كانت لديه طاقة عدوانية كبيرة جدًا، حاول أن يرشدها ويفرغها فاختار هذه المغامرات التى تكاد تقتله، ومع هذا يشعر بالمتعة والإثارة. ويدعو زملاءه وأصدقاءه لمشاركته.
هذا المغامر تحدث بصراحة عن كونه يجد لديه طاقة عدوان يفرغها فى مغامرات مميتة، لكنها تصنع له توازنا نفسيا وراحة بل وطاقة روحية من نوع ما. ربما لو لم يجد طريقا لتفريغ هذه الطاقة، لتسربت لأشكال أخرى عدوانية قد تتحول لجرائم وصراعات.
من يتفرج على الرجل سوف يحبس أنفاسه، وهو يتوقع سقوط الرجل وهلاكه فى أى لحظة. وهى قصة من قصص كثيرة لمغامرين ومتسلقى جبال يفرغون طاقاتهم فى أنشطة مختلفة. ويثيرون الإعجاب.
لكن مايلفت النظر فى اعتراف المغامر، هو فكرة الطاقة العدوانية، التى يفرغها فى مغامرات، بينما من لايجدون مجالا لتفريغ طاقاتهم العدوانية، يفرغونها فى مسارات أخرى، ربما منها اتجاه عدد من الشباب المسلم فى أوروبا إلى القتال فى صفوف تنظيم داعش الإرهابى، ومن بريطانيا وحدها هناك 1500 شاب وفتاة، غادروا بلادهم، وانضموا لداعش، و400 من بلجيكا ومن إسبانيا أو فرنسا أو كندا، ورأينا الاسترالى الذى أخذ معه أطفاله، ونشر صورًا لابنه صاحب الثمان سنوات وهو يحمل الرؤوس المقطوعة لبشر، كأنهم فى رحلة صيد. ورأينا بنات هجرن الأهل فى أوروبا إلى داعش من أجل جهاد النكاح أو القتال.
كل هؤلاء ولدوا وترعرعوا فى مجتمعات ديمقراطية توفر الحريات لمواطنيها، وفى وضع مادى ونفسى متوازن إلى حد ما، لكنهم تحولوا إلى قتلة تماما مثل غيرهم من الإرهابيين. ويحتاج سلوكهم لتفسير يبحث عن الطاقة العدوانية التى تحول المرء لإرهابى كانت تفسيرات الإرهاب تربطه بالفقر أو القهر السياسى والاجتماعى، بينما دواعش أوروبا ليسوا فقراء ولا مقهورين. نراهم يتباهون وهم بشر لايفرقون بين مسلمين ومسيحيين أو أيزيديين، وأغلبهم لايدركون شيئًا عن الإسلام أو الدين. وحتى قادتهم لديهم تفسيراتهم الجاهلة التى تبرر القتل، بينما هم مجرد قتلة ومجرمين، يحملون طاقة عداونية يصبغونها بوجه دينى. وهناك عدوانية أخرى بوجه سياسى أو إعلامى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة