هل كل فقير يتحول إلى إرهابى أو كل غاضب يصبح قاطع رؤوس؟!.. ومن تنظيم داعش يمكن اكتشاف الحلقة المفقودة التى يتحول فيها المواطن الطبيعى لإرهابى، خاصة أن بعضهم يبدون طبيعيين يمارسون حياتهم بشكل عادى.
عاد الجدل بعد الإعلان عن مقتل أحمد الدروى فى صفوف "داعش" وهو ضابط سابق، تنقل بين تيارات مختلفة، وغادر مصر، حتى تم الإعلان عن قتله. وسارع البعض باستخدام التفسير الجاهز وتبرير تحول مواطن سياسى إلى داعشى وقاطع رؤوس، بالفقر أو القمع، وهى نفس التفسيرات التى بررت نشأة الإرهاب. بينما نفس هؤلاء عجزوا عن تقديم تفسير لآلاف المقاتلين الشباب من دول أوروبية أو آسيوية فى صفوف تنظيمات قطع الرؤوس.
تنظيم داعش أصبحت له ذراع إعلامية، تحرص على توثيق عملياته فى أفلام قتل وذبح وتجارة رقيق، منافية للعقل والدين والإنسانية، ونجد من يسعى للانضمام إلى داعش، باعتبارهم مناضلين ومجاهدين من أجل الخلافة، وهؤلاء ليسوا فقراء أو مرتزقة، بل شباب ولدوا وعاشوا فى مجتمعات ديمقراطية ومتعددة بأوروبا. ويقدم هؤلاء الحلقة المفقودة لفك بعض طلاسم التنظيمات الإرهابية. بعيدا عن الفقر أو القمع، أو الغضب، بينما ليس كل غاضب إرهابيا أو قاطع رؤوس محتملا.
لقد راجت فى الثمانينات تفسيرات بأن الإرهاب نتيجة للفقر والقمع، بينما كان الإرهابيون ممن حصلوا على دعم الرئيس السادات، فى الجامعات، وكبار قياداتهم ينتمون لأسر مستورة وثرية، وعلى رأسهم أسامة بن لادن، وبعده أيمن الظواهرى، وكل قيادات الإرهاب فى الثمانينات والتسعينات أطباء ومهندسين. والزعماء الفكريون للإرهاب كانوا متعلمين وخريجى تخصصات علمية.
كما كان إقدام شباب أوروبا المسلم على داعش مؤشرا على اختلال التفسيرات الجاهزة. فالمئات من الشباب الذين ولدوا ونشأوا وتربوا فى مجتمعات مفتوحة، هم من شكلوا الدعم البشرى لجماعات مثل داعش، وهم أقرب لأجيال الشباب فى السبعينات التى كانت تنضم لجماعات الهيبز، وبعضها كان يتجه للانتحار، أو يتورط فى عمليات قتل متسلسل ومخدرات.
كان هناك من يفسر ذلك بأزمات الهوية، وصراع الأجيال. والمفارقة أن بعض المفكرين أرجعوا انحرافات بعض هذه الجماعات للفراغ الروحى، حتى فاجأونا الشباب المسلم من أوروبا بتحولهم للانضمام إلى داعش وقبلها القاعدة، ليمثل ذلك مفارقة. فالأجيال الجديدة من المولودين لآباء وأمهات مهاجرين عجزت عن ـ أو رفضت ـ الاندماج، فضلا عن أن القيادات التى هربت أو لجأت للغرب، كانت تمارس الدعاية ضد قيم الحرية أو التعددية، ولم تنجح فى العيش ضمن مجتمع تعددى، وهم من شكلوا المرجعيات الفكرية لشباب داعش. ممن يصعب القول بأنهم فقراء أو مقهورين سياسيا. وتظل المفارقة مستمرة. بعيدا عن التفسيرات الجاهزة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة