وفى مرثيته لمدينة "تمبكتو"، المعروفة بتاريخها الثقافى وانفتاحها على العالم فنيا وثقافيا، يستعرض المخرج تلك المدينة فى لقطات طويلة متمهلة، كمن يرثى لحالها ويتأمل ما آلت إليه، عندما دخلها مجموعة من المتطرفين، وصاروا يأمرون ويتحكمون ويحكمون، بدءا من الحجاب وصولا لتحريم الموسيقى وكرة القدم، ورجم مرتكبى الزنا، وتصبح "تمبكتو" بكل تاريخها ضحية للعنف الذى تمارسه القاعدة فى المدن والقرى الإفريقية التى قامت بغزوها وأعلنتها دولا إسلامية تحكمها بقوة السلاح والسوط وبفتاوى بعيدة عن تقاليد وأعراف إفريقيا ويرصد ذلك الصراع بين السكان والغزاة الجدد إلى جانب صراعات أخرى تبرز فى مشاهد متعددة منه، ما بين السود الأفارقة من جهة، والعرب والطوارق من جهة أخرى.
وفى الفيلم، يواجه إمام جامع تمبكتو، الذى يمثل الإسلام المعتدل، التطرف ببدء حوار مع مجموعة تمثل القاعدة حول مفاهيم الإسلام، وفتاوى زواج القاصرات بالقوة، ومنع الموسيقى، وتحريم عمل المرأة وغيرها.
ويسألهم إمام الجامع: من أرسلكم لتطبيق هذه القوانين البعيدة عن الإسلام؟ ولماذا تحرمون كل شىء حتى لعبة كرة القدم لشباب المدينة؟ وهنا يترك أعضاء القاعدة الجامع، ويطالبون الإمام بالطاعة وتطبيق الشريعة الإسلامية دون تقديم إجابات عن تساؤلاته.
وبالطبع يملك سيساكو إيقاعه الخاص والمتأمل، والذى يسيطر على أغلب مشاهد الفيلم، وكأنه يضعنا أمام أنفسنا ليرى الذى يظن نفسه بعيدا عن التطرف، أنه قادم لا محالة فى ظل العنف المسيطر، ومن أجمل مشاهد الفيلم التى صاغها المخرج بذكاء درامى وبصرى-(مشهد التحقيق بين الرجل الذى قتل جاره بالخطأ، بعد قيام جاره الصياد بقتل بقرته، مشهد الأصدقاء الذين كانوا يعزفون الموسيقى، وتغنى إحداهم ببهجة، وسرعان ما يتحول ذلك إلى مشهد درامى مؤثر، بعد جلدهم والفتاة تغنى من الوجع بدلا من أن تصرخ من الألم، ثم تترك فى العراء مشهد شباب القرية، وهم يجرون وراء كرة افتراضية، وتتعالى صيحاتهم دون أن نرى كرة فى الملعب، ويضع الموقف الغريب عناصر القاعدة فى حيرة، فيتركون الشباب يلهون بالكرة الافتراضية، ومشهد تطبيق حد الرجم على فتاة كل ما ارتكبته أنها كانت تتحدث لحبيبها فى الهاتف) وهناك الكثير من المشاهد الذكية، والتى تحمل كوميديا سوداء فى بعض اللقطات ومنها تلك المرأة التى يرون أنها عرافة -مخبولة وتسير طوال الوقت حاملة ديكها وبكامل زينتها، وكأنها المرآة التى تؤكد على خبلان عقولهم، ومشهد الحمار المحمل بالحطب والذى رفض أن يمر من الحارة إلا بعد ابتعاد المسلحين، فى دلالة على أن حتى الحمار لا يقبلهم ويعرف طريقه جيدا، ورغم النهاية السودواية، وأن سيناريو الفيلم تبدو خيوطه متناثرة إلى حد ما، حيث إن هناك مجموعة من القصص، لم تتم صياغتها دراميا بشكل محبوك ويصب فى التصاعد الذى يشهده الخط الرئيسى وهو قضية القتل، وهناك أيضاً المثير من الصور النمطية التى استسلم لها المخرج منها أمام المسجد المستنير إلا أن الفيلم إجمالا تجربة تستحق التوقف عندها خصوصا لمن يقفون على خط المواجهة مع التطرف.
![مشهد من فيلم تمبكتو مشهد من فيلم تمبكتو](http://img.youm7.com/images/issuehtm/images/daily/teryokottas/1.jpg)
مشهد من فيلم تمبكتو
![أحد مشاهد العمل<br> أحد مشاهد العمل<br>](http://img.youm7.com/images/issuehtm/images/daily/teryokottas/2.jpg)
أحد مشاهد العمل
![لقطة من الفيلم<br> لقطة من الفيلم<br>](http://img.youm7.com/images/issuehtm/images/daily/teryokottas/3.jpg)
لقطة من الفيلم
![مشهد من الأحداث<br> مشهد من الأحداث<br>](http://img.youm7.com/images/issuehtm/images/daily/teryokottas/4.jpg)
مشهد من الأحداث
![مشهد من العمل<br> مشهد من العمل<br>](http://img.youm7.com/images/issuehtm/images/daily/teryokottas/5.jpg)
مشهد من العمل
![فيلم تمبكتو<br> فيلم تمبكتو<br>](http://img.youm7.com/images/issuehtm/images/daily/teryokottas/6.jpg)
فيلم تمبكتو
![مشهد من](http://img.youm7.com/images/issuehtm/images/daily/teryokottas/7.jpg)
" title=" مشهد من "تمبكتو"
"/>
مشهد من "تمبكتو"