علاء عبد الهادى

يادكتور جابر: التنوير شىء والانفلات شىء

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014 10:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عرفنا الدكتور جابر عصفور أمينا عاما للمجلس الأعلى للثقافة لسنوات طويلة مع وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى، وعرفناه كأول وزير للثقافة بعد ثورة يناير لمدة أسبوع واحد، واستقال فى موقف بطولى يحسب له، وعرفناه عندما عاد مرة أخرى وزيرا للثقافة، وكانت هذه المرة أيضا فى أعقاب ثورة يونيو التى أطاحت بحكم جماعة الإخوان، وعرفناه قبل هذا وذاك مفكرا ليبراليا أثرى المكتبة العربية بالكثير من الإبداعات التى تكفى أن تضعه فى الطليعة التنويرية من المفكرين المصريين والعرب فى نصف القرن الأخير.. كل هذا كلام جميل، ولا أمن به على د. عصفور، ولكن عودة د. جابر إلى وزارة الثقافة فى المرة الثانية، لم تكن على النحو المرجو، فقد تاهت منه البوصلة، وراح يطلق تصريحات تحرج الحكومة كلها قبل أن تحرج الوزير نفسه، مرة يقول إن رسم الفتاة الموديل عارية من صميم الفن والإبداع، ولا يثير الغرائز، ومرة يقول إنه مع تجسيد الأنبياء فى أعمال فنية سواء كانت مسلسلات أو أفلاما، وأنه غير مقتنع برفض الأزهر.

ولم يكتف د.عصفور بذلك بل تطوع وقال إنه مع الحرية وإنه لو كان على رأس وزارة الثقافة وقت أزمة حلاوة روح لما وافق على وقف الفيلم، لأن هذا اعتداء على الإبداع، وزاد الطين بلة، عندما أعلن أنه من أنصار برنامج الراقصة الذى أثار ضجة فى المجتمع المصرى، وتم وقفه بعد طلب دار الإفتاء والأزهر، ثم عاد بعد أن ضربت القناة بكل هذا عرض الحائط.. كل هذا كان يمكن قبوله من المفكر د. جابر عصفور، فهو هنا لا يمثل إلا شخصه، ولكن عندما يخرج أحد أعضاء الحكومة ومن هو على رأس وزارة الثقافة ليقول هذا الكلام، فنحن أمام احتمال من اثنين لا ثالث لهما: إما أن الحكومة «مش واخدة بالها، أو عاملة مش واخدة بالها من تصريحات وزير الثقافة» وهذه مصيبة، أو أنها «واخدة بالها، وتؤيده» وهنا تكون المصيبة أعظم.. لماذا؟ لأننا فى هذه الحالة أمام سياسة تسعى حكومة محلب لتنفيذها، والدليل أن وزير الثقافة النشيط، رغم تجاوزه السبعين، سعى لعقد بروتوكولى تعاون، كلاهما أخطر من الآخر.. الأول مع وزير التربية والتعليم لنشر الثقافة والمعرفة فى مدارسنا، إضافة إلى مشاركة خبراء وزارة الثقافة فى تطوير مناهج التعليم.. أما البروتوكول الثانى فهو مع وزارة الأوقاف لتطوير الخطاب الدينى لتنفيذ فكره من الإطار النظرى إلى أرض الواقع.. طبعا هذا كلام رائع وخطير فى الوقت ذاته، على اعتبار أن جزءا من الأزمة الحالية هو فى غياب الثقافة الحقيقية، والوسطية عن العقل الجمعى المصرى، ولكن، وأستأذنك أن تضع ألف خط تحت ولكن، هل من المتصور أن تعمل اللجان التى سوف تنبثق عن البروتوكولين بنفس منطق وفلسفة الدكتور عصفور ونظرته للأمور؟

سيادة وزير الثقافة: أزمتنا كانت مع تجار الدين ولم تكن أبدا مع الدين الإسلامى الحنيف الذى نستمد منه ثوابتنا، وإذا اعتقدت غير ذلك فسوف يقول لك المجتمع: شكرا مع السلامة، وأنصحك أن تطلب إعفاءك، قبل أن تُعفَى لأنك بموقفك عبء على الحكومة، وتعطى تكأة للإرهابيين لتصوير نظام ما بعد 30 يونيو وكأنه فى صراع مع الدين، ومع ثوابت العقيدة والأخلاق، على غير الحقيقة، وتعطى لهؤلاء المبرر والفرصة الذهبية لخداع البسطاء وتصوير ما حدث فى 30 يونيو واستجاب فيه السيسى لرغبة الشارع العارمة، وكأنه كان حربا على الإسلام.. يادكتور جابر: التنوير شىء والانفلات شىء آخر.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة