حنان شومان

احترس يا سيسى فأنت فى أرض النفاق

الجمعة، 03 أكتوبر 2014 02:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى عام 1949 أصدر الروائى الشاب آنذاك يوسف السباعى روايته الشهيرة أرض النفاق، وفى عام 1968 تحولت الرواية لفيلم سينمائى صار من كلاسيكيات السينما المصرية، قام ببطولته العظيم الراحل فؤاد المهندس وشويكار، أمد الله فى عمرها، وعجباً أن لا شىء تغير فى هذا البلد ما بين 1949 حين كانت مصر ملكية ثم عام 1968 حين عُرض الفيلم فى زمن عبدالناصر، ثم حين نشاهده الآن بعد عقود وحفنة ثورات، غير أن إحقاقاً للحق ولكى لا نبخس حق الأجيال الأحدث فى مصر فإن النفاق قد تطور وأخذ أشكالاً أكثر إبداعاً وأعظم شأناً، ولو أتحنا الكتابة لخلق الله فى تجاربهم فى أرض النفاق فى عصر مبارك ما كفى ماء البحر مداداً، وللحق فإن النفاق ما قبل الثورة لم يكن يخص مبارك كرئيس فقط ولكنه شمل كل رئيس أو مدير فهل ينسى أهل الصحافة تلك القصة الشهيرة لصحفى فى إحدى الجرائد القومية حين حلم لأحد زملائه بأنه سيكون رئيس تحرير، وحين ذهب يقص عليه الحلم متصوراً يا عينى أن حلمه سيسعد صديقه، فإذا بهذا الصديق الصحفى الهمام يرغى ويزبد فى وجهه ويضربه بكرسى ويذهب لرئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة فى نفس الوقت ويقص له الحكاية دليلاً على ولائه وأنه حتى الحلم بالرئاسة يرفضه من أجل خاطرك ياريس، وتم التنكيل يا عينى بمن جرؤ على أن يحلم برئيس غير الرئيس.
وهل ننسى نحن أهل الصحافة كيف كانت إحدى الصحف أيضاً القومية تحتفل بعيد ميلاد رئيسها فى احتفال مهيب ينتهى بتومبولا من يكسبها يكسب سيارة ليعيش ويدعو للريس بطول العمر وإن شاء الله تبقى كل يوم عيد ميلاد؟وهل ننسى هذا الصحفى الهمام الذى كتب فى ذكرى ميلاد مبارك أن مصر وُلدت يوم ولد مبارك؟... يا للهول على رأى الأستاذ يوسف بيه وهبى، فقد نسى أن مصر ولدت من سبعة آلاف سنة وماكنش حد ساعتها عارف إن هناك من سيولد باسم محمد حسنى مبارك.
وهل ننسى أحلامك أوامر، وهل ننسى مشهدا كوميديا فى مسرحية سيدتى الجميلة لنفس بطلى أرض النفاق المهندس وشويكار بتاع أنت القلب الكبير، أنت نعمة وإحسان، بحكمتك تختال علينا، وأنت مراة حضرتنا؟! هل ننسى هذا المشهد الذى كنا نعيشه كل لحظة من حياتنا على مختلف المستويات واقعياً وبعضنا يتميز غيظاً ويتصور أن المنافقين ستلفظهم الأرض يوماً ولكن طال بقاؤهم حتى يئسنا، ولكن الثورة التى بقيت أياماً جددت فينا الأمل، ولكن أرض النفاق لم تغادر، وبسرعة غيرت جلدها لزمن آخر ولنظام جديد آخر، تسيد فيه الإخوان؟! وأعرف بالاسم والرسم كما يعرف غيرى كيف كان نجوم النفاق فى هذا الزمن وكيف أفسدوا شباباً وشيوخاً وصاروا فى ركبهم.
ثم أخيراً وصلنا لمحطة ثورة 30 يونيو وما حدث بعدها من نتائج ووصل السيسى لسدة حكم مصر، وحتى قبل أن يصل كانت أرض النفاق تستعد لوصوله وتحضر نفسها للحظة التلاقى.
السيسى صرح بأنه لا يدين لأحد وليس عليه فواتير ليسددها، وأنا أصدقه تماماً، فلا دين لأحد عليه إلا الشعب كله الذى وثق فيه وحمله لكرسى الحكم، ولكن أرض النفاق ضاربة بجذورها فى بر مصر، وحبوب النفاق حد ابن حرام ألقى بها فى النيل وسارت تجرى فى عروقنا جريان الدماء، ولدى عشرات من الشواهد والمعلومات التى تؤكد أن جوقة النفاق تعمل باجتهاد ودأب كعادتها، وهى الأكثر نشاطاً، والأعلى صوتاً، والأبرز صورة، ونحن بشر، والسيسى كمثلنا بشر وليس سوبر مان، وإن تمنيناه كذلك.
ولا أملك كمواطنة تحلم أن تعيش على أرض طيبة وليست أرض النفاق إلا أن أحذر وأقول بين الحين والآخر يا سيسى احذر من أرض النفاق، فإنها بحر رمال متحركة يغرق فيها أعتى السباحين، والتاريخ يؤكد ذلك، وها أنا أستعير بعضاً من عبارات يوسف السباعى فى روايته أرض النفاق لتكون خاتمة حديثى بلسان كاتب أرض النفاق: «تلك هى العلة فى هذا البلد... أن الذى يحس بالمصاب لا يملك منعه.. والذى يملك منعه.. لا يكاد يحس به».
«إن الإنسان.. هو الإنسان.. غشاش.. مخادع.. كذاب منافق.. فى كل أمة.. فى كل جيل. لا تقولوا: رحم الله آباءنا وأجدادنا.. لأنهم كانوا خيراً منا، وأفضل خلقاً.. لا تقولوا ذلك.. فما كانوا يقلون عنا رداءة وسفالة».
كلمة أخيرة: بمناسبة الحديث عن التاريخ «أبوس إيد وزير ووزارة التربية والتعليم نفر نفر، كتب التاريخ المدرسية هى للتاريخ، يعنى لما حدث فى العصور السابقة، أما أيامنا هذه فلا تكتبوها فى كتب التاريخ حتى لا تكفر الأجيال الصغيرة بالتاريخ القديم والحديث، ولا تصدقها حين ترى خناقات آخر الليل بين نجوم الفضائيات حول من يجب أن يكون اسمه فى كتب التاريخ ومن لا يجب، فالتاريخ لا يُكتب هكذا إلا فى أرض النفاق والجهل، ونحن نتمنى أن نغادر تلك الأرض ارحمونا، واتركوا الحاضر وركزوا فى الماضى، حتى لا نكفر بالاثنين».





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة