ذكرى حجة الوداع أول وآخر حج للنبى محمد.. خطبة الوداع تضمنت قيمًا دينية وأخلاقية.. وعلى جمعة: الرسول جمع للأمة أمور دينهم ودنياهم.. وحدد أسس العلاقة بين الإنسان وربه.. وأكد المساواة بين الرجل والمرأة

الجمعة، 03 أكتوبر 2014 08:06 ص
ذكرى حجة الوداع أول وآخر حج للنبى محمد.. خطبة الوداع تضمنت قيمًا دينية وأخلاقية.. وعلى جمعة: الرسول جمع للأمة أمور دينهم ودنياهم.. وحدد أسس العلاقة بين الإنسان وربه.. وأكد المساواة بين الرجل والمرأة جبل عرفات
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حدثت فى مثل هذا اليوم، منذ 1425 عاما، وتحديداً فى العام العاشر هجريا، حجة الوداع، وتمثل أول وآخر حج للرسول محمد صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة، وألقى فيها خطبة الوداع وتضمنت قيمًا دينية وأخلاقية عدة، وسميت بهذا الاسم لأن النبى ودع الناس، وعلمهم فى خطبته أمر دينهم، وأوصاهم بتبليغ الشرع إلى من غاب عنها وجاء نص الخطبة:

"أيُّها النَّاسُ، اسمعوا قولى، فإنِّى لا أدرى لعلِّى لا ألقاكم بعدَ عامى هذا، بِهذا الموقِفِ أبدًا".

"أيُّها النَّاسُ، إنَّ دماءَكم وأموالَكم عليْكُم حرامٌ، إلى أن تلقَوا ربَّكم كحُرمةِ يومِكم هذا، وَكحُرمةِ شَهرِكم هذا، وإنكم ستلقونَ ربَّكم، فيسألُكم عن أعمالِكم وقد بلَّغتُ، فمن كانت عندَهُ أمانةٌ فليؤدِّها إلى منِ ائتمنَهُ عليْها، وإنَّ كلَّ ربًا موضوعٌ، ولكن لَكم رؤوسُ أموالِكم، لا تظلِمونَ ولا تُظلَمونَ قضى اللَّهُ أنَّهُ لا ربًا وإنَّ ربا العبَّاسِ بنِ عبدِ المطَّلبِ موضوعٌ كلُّهُ، وإنَّ كلَّ دمٍ كانَ فى الجاهليَّةِ موضوعٌ، وإنَّ أوَّلَ دمائكم أضعُ دمَ ربيعةَ بنِ الحارثِ بنِ عبدِ المطَّلب- وَكانَ مستَرضَعًا فى بنى ليثٍ، فقتلتْهُ هُذيلٍ- فَهوَ أوَّلُ ما أبدأُ بِهِ من دماءِ الجاهليَّةِ".

"أما بعدُ أيُّها النَّاس، إنَّ الشَّيطانَ قد يئِسَ أن يعبدَ فى أرضِكم هذِهِ أبدًا، لَكنَّهُ أن يطاعَ فيما سوى ذلِكَ فقد رضِى بهِ مِمَّا تحقِّرونَ من أعمالِكم، فاحذروهُ على دينِكُم".

"أيُّها النَّاسُ: «إِنَّمَا النَّسِىءُ زِيَادَةٌ فِى الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ»، ويحرِّموا ما أحلَّ اللَّهُ، وإنَّ الزَّمانَ قدِ استدارَ كَهيئتِهِ يومَ خلقَ اللَّهُ السَّمواتِ والأرضَ، وَ«إنَّ عدَّةَ الشُّهورِ عندَ اللَّهِ إثنا عشَرَ شَهراً منْها أربعةٌ حُرُمٌ»، ثلاثةٌ متواليةٌ، ورجبُ الَّذى بينَ جُمادى وشعبانُ".

"أمَّا بعدُ أيُّها النَّاسُ، فإنَّ لَكم على نسائِكم حقًّا ولَهنَّ عليْكم حقًّا، لَكم عليْهنَّ أن لا يوطِئْنَ فُرُشَكم أحدًا تَكرَهونَه، وعليْهنَّ أن لا يأتينَ بفاحشةٍ مبيِّنةٍ، فإن فعلنَ فإنَّ اللَّهَ قد أذنَ لَكم أن تَهجُروهنَّ فى المضاجِعِ، وتضرِبوهنَّ ضربًا غيرَ مبرِّحٍ، فإنِ انتَهينَ فلَهنَّ رزقُهنَّ وَكسوتُهنَّ بالمعروفِ واستوصوا بالنِّساءِ خيرًا، فإنَّهنَّ عندَكم عَوانٍ لا يملِكنَ لأنفسِهنَّ شيئًا، وإنَّكم إنَّما أخذتُموهنَّ بأمانةِ اللَّهِ، واستحللتُم فروجَهنَّ بِكلمةِ اللَّهِ، فاعقلوا أيُّها النَّاسُ قولى، فإنِّى قد بلَّغتُ وقد ترَكتُ فيكم ما إنِ اعتصمتُم بِهِ فلن تضلُّوا أبدًا، أمرًا بيِّنًا كتابَ اللَّهِ وسنَّةَ نبيِّهِ".

"أيُّها النَّاسُ، اسمعوا قولى واعقِلوهُ تعلمُنَّ أنَّ كلَّ مسلمٍ أخو للمسلِمِ، وأنَّ المسلمينَ إخوَةٌ، فلا يحلُّ لامرئٍ من أخيهِ إلا ما أعطاهُ عن طيبِ نفسٍ منه فلا تظلِمُنَّ أنفسَكمُ اللَّهمَّ هل بلَّغتُ قالوا: اللَّهمَّ نعَم، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم: اللَّهمَّ اشْهَدْ".

وقال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن فى الخطبة العظيمة جمع النبى صلى الله عليه وسلم للأمة أمور دينهم ودنياهم، وحدد أسس العلاقة بين الإنسان وربه التى قوامها قطع كل ما يربط المسلم بالجاهلية، وكذلك وضع دستورا ينظم العلاقة بين المسلم وأخيه المسلم، وبينه وبين غير المسلم، بادئا خطابه إلى كل الناس وليس للمسلمين وحدهم فقال: اسمعوا منى أبين لكم، فأنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا، فى موقفى هذا، وقد كانت حقا وصية مودع لم يمكث بعدها إلا ثلاثة أشهر وبعدها اختار جوار ربه.

ويقول الإمام الغزالى، إن مقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة.. وتحريم تفويت الأصول الخمسة والزجر عنها يستحيل ألا تشتمل عليها ملة من الملل وشريعة من الشرائع التى أريد بها إصلاح الخلق (المستصفى) 834/1، وبتلك المقاصد النبيلة بدأ النبى صلى الله عليه وسلم خطبته فقال: "إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة، يومكم هذا، فى شهركم هذا، فى بلدكم هذا".

وفى علاقة الإنسان بربه قال النبى صلى الله عليه وسلم: "إن ربا الجاهلية موضوع، وإن أول ربا أبدا به ربا عمى العباس بن عبد المطلب، وإن دماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم عامر بن ربيعه بن الحارث، إن مآثر الجاهلية موضوعة، فأراد أن ينزع كل ما ترسخ فى صدور الناس من عوالق الجاهلية من ربا وثأر ومآثر قبلية، ليخلصهم من أدرانها وأوحالها، فيكونوا عبادا مخلصين لله حنفاء، واتخذ من نفسه قدوة حسنة حين بدأ بوضع الربا والثأر المتعلقين بأهله وعشيرته، أى قدوة خير من القائد الذى يبدأ بتطبيق ما يدعو إليه على نفسه".

وفى تأصيل علاقة المسلمين ببعضهم حذرنا، صلى الله عليه وسلم من خطر التكفير وقتال المسلمين بعضهم بعضا، وكأنه ينظر بعين المستقبل ويستشعر ما سيحدث لأمته من بعده من تفرق وتشر ذم، فحذر من ذلك قائلا: "فلا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، فإنى تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده، كتاب الله".

ورسخ الرسول صلى الله عليه وسلم مبدأ الأخوة بين المسلمين بقوله: المؤمنون إخوة، ولا يحل لامريء مال أخيه إلا عن طيب نفس منه وفى ذلك دعوة إلى إقامة مجتمع قوى متماسك: فالمسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة(صحيح البخارى 862/2).

وأشار النبى صلى الله عليه وسلم إلى اللبنة الأولى للمجتمع وهى الأسرة، وعمادها المرأة، فأكد حقها فى الحياة الكريمة فى إطار مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة فى أصل الخلق والتكاليف الشرعية والكرامة الإنسانية، حرصا على بناء الأسرة الصالحة، وذلك بقولة: إن لنسائكم عليكم حقا، ولكم عليهن حق.. فاتقوا الله فى النساء، واستوصوا بهن خيرا، فالاهتمام بالمرأة والحفاظ على حقوقها وصونها مدعاة لتنشئة جيل مسلم قوى يعرف حقوقه وواجباته، ويحمى نفسه ووطنه وعقيدته.


وعن علاقة المسلم بغيره أرسى صلى الله عليه وسلم قيمة المساواة بين البشر جميعا دون النظر إلى عرق أو نسب أو مال، حيث قال: أيها الناس إن أباكم واحد وإن ربكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربى على أعجمى إلا بالتقوى، وكما يقول أمير الشعراء:

الله فوق الخلق فيها وحده والناس تحت لوائها أكفاء

ومن المعانى التى تستقى من هذه الخطبة فى علاقة الإنسان بأخيه الإنسان، نداه بأيها الناس ففيه دلالة على أن أصل دين الله واحد من لدن آدم إلى قيام الساعة، ولذا لم يوجه خطابه إلى المسلمين بل إلى الناس عامة، كما ورد فى قوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا (آل عمران:97) فالآية فى سياق بيان وجوب الحج للمسلمين، ولكنها خاطبتهم بـ الناس لتبين أن الحج مشروع منذ بناء الكعبة وهو وعد الله تعالى لسيدنا إبراهيم عليه السلام.

تلك بعض مبادئ وقيم خطبة حجة الوداع التى ألقاها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأودع فيها وصيته لأمته، بل للناس جميعا، بما فيها من بيان لأصول سعادة الإنسان فى الدارين، من خلال أحكام شرعية، محفوفة بقيم سامية، فى نطاق من سنن الله الحاكمة العادلة، ليتحقق مراد الله ومقصوده فى الحفاظ على أكرم خلقه وخير بنيانه وهو الإنسان، أى إنسان.


أخبار متعلقة:

حجاج بيت الله الحرام يتوجهون إلى جبل عرفات












مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة