قال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة، إنه حتى أوائل السبعينيات كان المثقفون يقودون المجتمع المصرى، لافتا إلى أنه لم تعرف جامعة القاهرة بأكملها ما يسمى بالحجاب أو النقاب خلال تلك الفترة.
وتابع "عصفور"، قائلاً: "خلال فترة دراستى بجامعة القاهرة بداية الستينيات لم يكن فى الجامعة فتاة واحدة محجبة أو منتقبة، وكانت المرأة المصرية نموذجا للفكر المتقدم والعقل المنفتح"، واصفا غياب الطالبات والمحجبات والمنتقبات عن جامعة القاهرة فى الماضى بأنه "أمر جيد"، على حد قوله.
وأضاف وزير الثقافة فى حواره مع الإعلامى أسامة كمال ببرنامج "القاهرة 360" المذاع عبر فضائية "القاهرة والناس"، "كنا نعيش مع مجموعة من المتطرفين سمح لهم بالتوسع، وحدث خلل لما يسمى بالعقل الدينى منذ بداية السبعينيات ونعانى منه الآن"، مشيرا إلى أن عبد المنعم أبو الفتوح كان مؤسسا لما يسمى بالجماعة الإسلامية التى كانت تقوم بإغلاق الحفلات والأنشطة الفنية فى جامعة القاهرة، مضيفا أن أبو الفتوح كان حينها رئيس اتحاد طلاب الجامعة وكان مدللا من قبل نظام السادات، وكانت الجامعة مغلقة أمام الليبراليين وغيرهم ومفتوحة لتيار الإسلام السياسى فقط، والسادات دفع ثمن تركه للجماعات الإسلامية وفتحة الباب لهم.
وذكر الدكتور جابر عصفور، إن مشاهدة اللوحات العارية مسألة تتوقف على التربية الفنية، بدليل أن العالم المتقدم والعربى يوجد به اللوحات الفنية العارية والمجلات المصرية حتى وقت قريب كانت تنشر صورًا عارية، وهذا جمال إنسانى، متسائلاً ما الضرر الذى قد يحدث إذا شاهد الابن لوحة عارية وماذا فى ذلك؟، مضيفا أن كمية العرى فى راقصة البالية أكثر من الراقصة الشرقية، لكن لا يمكن أن تُثير راقصة البالية فى الإنسان السوى الغرائز الجنسية، وكلاهما يقدم الفن، رافضًا وقف برنامج "الراقصة".
ووصف "عصفور"، الحَجِر على حرية الفكر والإبداع بالـ"علامة على تخلف الأمة وانحدارها، ولا يوجد فارق بين مصادرة فيلم أو كتاب أو غيره"، مشيرًا إلى أن من يريد بناء أمة متحضرة فلا بد من الحرية المسئولة "وأنت حر ما لم تضر".
وشدد وزير الثقافة، على رفضه حرق أى كتاب حتى لو كان إخوانيًا، مضيفًا أن الكتب لها قدسيتها حتى لو خالفت مقدسات الدين الإسلامى، مضيفًا "عندما رأيت الإخوان يصلون للحكم شعرت بأنين شهداء الثقافة المصرية فى قبورهم، وأظن أن جميع المثقفين كانوا يدركون تمامًا أنه لا يمكن للإخوان الاستمرار فى الحكم".
وأشاد وزير الثقافة بدور فرج فودة ونصر حامد أبو زيد فى التاريخ المصرى، قائلاً "نصر حامد أبو زيد، وفرج فودة، علامتان فى مسيرة المجتمع المصرى والخطاب الدينى، ولو كان المجتمع المصرى والثقافة المصرية استطاعتا حماية هذين الرمزين مما حدث لهما، لتغيير تاريخ مصر الثقافى والسياسى".
وانتقد وزير الثقافة، "ابن تيمية والقرطبى" قائلاً، إن كليهما كان يؤمن بقاعدة "الدين بالملك يقوى والملك بالدين يبقى"، مضيفا أن المفكرين الإسلاميين وجهوا الكثير من المحن بسبب تعصبهم الدينى، مستطردا إن أوروبا لحسن حظها لديها شعار المسيحية "دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر"، مشيرا إلى أن المجتمع المصرى يعانى من الخلط بين الدين والسياسة وكل أفعال التطرف كان ورائها أهواء سياسية، لافتا إلى أنه لم يحدث تمكين حقيقى لمجموعات الإسلام السياسى إلا فى زمن مبارك، حيث تم اختراق كل منظمات المجتمع المدنى التضامنية والنقابات العمالية وكذلك القضاء والشرطة.
وطالب وزير الثقافة، بمنع دخول الأطفال السينما لمشاهدة الأفلام الخاصة بمن هم أكبر من 18 سنة، مضيفا أن الرقابة على المسرح والسينما متروكة للفنانين، لكن نحن مطالبون بحماية المجتمع.
وأضاف، أننا نعيش زمنا مختلفا خاصة فى ظل ثورة الاتصالات والحل هو التعليم والثقافة لحماية أبنائنا، وثقافة المناعة هى الطريق السليم لخلق مواطن لديه وعى نقدى، والثقافة المجتمعية تجعل صاحبها قادرا على الاختيار السليم بصرف النظر عن تعليمه، والحس الجمالى كان عاليا جدا فى السبعينيات، بسبب وجود الأجانب بين المصريين وكان لدينا فى السبعينيات أكشاك للموسيقى وحدائق أكثر بكثير مما نحن عليه الآن.
ورفض "عصفور" قرار رئيس الوزراء بمنع فيلم حلاوة روح، مشيرا إلى أن اللجنة العليا للرقابة "وهم" خلقه البعض وصدقه، لافتا إلى انه وقت أن كان أمينا للمجلس الأعلى للثقافة كان يعانى من مشكلات، بسبب التعصب الدينى، واقترح حينها على فاروق حسنى أن يكون هناك لجنة عليا للثقافة وبالفعل تم إنشاؤها، مشيرا إلى أن اللجنة العليا للثقافة دافعت عن العديد من الأفلام وأنشئت للدفاع عن الإبداع أمام الجهات المتعصبة، مشيرا إلى أنه يحرص على زيارة قصور الثقافة وتم إنشاء منصب جديد دوره الإشراف على قصور الثقافة الأطراف، وطلب من الرقابة الإدارية متابعة كل قصور الثقافة فى مصر، معلنا عن افتتاح قصر ثقافة جديد بحلايب وشلاتين خلال الشهر المقبل.
ونوه إلى أن المجتمع المصرى فى أشد الحاجة إلى ثقافة الاختلاف، وهو أمر صعب، بسبب تعودنا على ثقافة الاستبداد للرأى الواحد التى نعانى منها منذ 1954 تحديداً، مضيفاً أنه لو فكر كابت فى كتابة مقال بعنوان "لماذا أنا ملحد" لن يجد من ينشره له ولن يأمن على نفسه.
وتطرق وزير الثقافة للحديث عن دور المنظومة التعليمية فى مصر، قائلاً "هناك خلل فى المجتمع يشمل سوء منظومة التربية والتعليم وغيرها، ولم نستطع إنتاج نظام تعليمى مؤثر فى المجتمع بشكل حقيقى حتى الآن"، متسائلاً، ماذا ننتظر من مجتمع نسبة أميته تبلغ 40% ومن هم تحت خط الفقر أكثر من ذلك.
ولفت "عصفور" إلى أن فترة الستينيات لم تكن هناك مواجهات وتهم بالتكفير لغير المحجبات مضيفا "زوجتى ليست محجبة وابنتى وزوجة ابنى كذلك، وليس لدى مشكلة مع الحجاب وهو أمر اجتهادى فى فهم الدين".
موضوعات متعلقة:
وزير الثقافة: أرفض وقف برنامج "الراقصة"..والصور العارية جمال إنسانى
وزير الثقافة لـ"القاهرة 360": أرفض وقف برنامج "الراقصة" والصور العارية جمال إنسانى.. واعترض على منع فيلم "حلاوة روح".. وكان من الجيد عدم وجود محجبات بالجامعة فى الستينيات.. ونعانى الاستبداد منذ 1954
الجمعة، 03 أكتوبر 2014 02:37 ص
جابر عصفور
كتب محسن البديوى
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة