فى بداية شهر أكتوبر، كتبت مقالا عن «التاريخ العسكرى المصرى»، ناقشت فيه معاناة جيل الثمانينيات والتسعينيات مع أكتوبر، وكيف أن الذكرى الواحد والأربعين من العبور مرت دون أى اهتمام نوعى من قطاع كبير من المصريين والشباب تحديدا.. وقتها حذرت من أن بطولات النصر لم تعد محل اهتمام من المثقفين والإعلاميين، وقطعت العهد على نفسى أن أخصص عمودى اليومى فى أكتوبر للكتابة عن الأبطال المنسيين وأطلقت الدعوة للمراسلات والمشاركة، وقد كان، تلقيت عشرات الرسائل وأجريت عشرات المكالمات الهاتفية مع أبطال أكتوبر المنسيين، كتبت قصصهم وتضحياتهم للبلاد وركزت بشكل خاص على الإنسانيات فيها والتفاصيل النوعية الصغيرة التى كان لها دور إيجابى فى صناعة النصر.
تجربة الكتابة عن أكتوبر بقدر ما كانت شيقة، زادت من روابط الصلة بينى وبين عدد من صناع النصر، بقدر ما كانت مؤلمة موجعة، قاسية لأنها كشفت لى عن عدد من الحقائق الغائبة وهى:
1 – الدولة مقصرة فى كتابة وتوثيق التاريخ العسكرى لدرجة أن العدو الإسرائيلى يزيف فى معارك أكتوبر ولا يجد من يكذبه بالوقائع التاريخية.
2 - عدد الأفلام التى أنتجها السبكى فى السنوات الثلاثة الماضية والتى جسد فيها الأبطال الشعبيين أكثر من عدد الأفلام التى أنتجتها الدولة عن حرب أكتوبر والتى جسدت الأبطال الحقيقيين.
3 - التاريخ العسكرى المصرى ظل لسنوات طويلة رهين الخلافات الشخصية بين القادة العسكريين، السادات والشاذلى، نموذجا.
4 - رغم مرور 41 عاما وانكشاف كل أسرار حرب أكتوبر، وتغيير مسرح العمليات والثورة التكنولوجية الحديثة والأقمار الصناعية، إلا أن مصر لا زالت تتحفظ على عدم الإفصاح عن عدد كبير من الشهادات التاريخية لقادة شاركوا ببطولات عظيمة فى أكتوبر لدواعى الأمن القومى.
5 - قصور الشهادات التاريخية الموثقة عن قادة حرب أكتوبر، فتاريخنا العسكرى لم يشهد إلا مذكرات الشاذلى والسادات والجمسى وإسماعيل فهمى.
6 - مصر تفتقد مشروعا قوميا لتوثيق أكتوبر، وتقل فرصة إنجاز المشروع مع تأخره كل يوم بوفاة بطل من أبطال النصر أو ضياع القصص من الذكريات.
أختم كما تعودت دائما فى مقالاتى السابقة، أشكر كل أبطال أكتوبر، وأشكر كل من تابع سلسلة المقالات، وأشكر كل من شاركنى مشروع الكتابة عن أبطال النصر، وطلبى لصناع القرار فى الدولة، قبل أن يموت أبطال أكتوبر، اطلقوا مشروعا لتوثيق أكتوبر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة