العيد فرحة لكن ليس لكل المعيدين، فهناك من ينتظره لشراء الملابس الجديدة والاحتفال وذبح الأضاحى وزيارة بيت الله الحرام، وهناك آخرون محرومون من كل ذلك ويكادون لا يعلمون عن شىء اسمه العيد، وهم الفقراء الذين سقطوا من حسابات الجميع واكتفوا بالعيش فى القرى المحرومة من كل شىء حتى مظاهر الاحتفال بهذا اليوم.
هؤلاء لا يعلمون شيئا عن المنتزهات التى تستقبل المواطنين فى أيام العيد ولا عن تلك البواخر النيلية الفاخرة التى تقع على شواطئ النيل بأسيوط لاستقبال المعيدين والترحيب بهم، كما لا يعلمون شيئا عن التحرش لأنهم لا يعرفون زحام العيد، فقط ينتظرون هذ اليوم للخروج إلى المقابر وزيارة أمواتهم .
"شقلقيل" قرية تتبع مركز أبنوب بمحافظة أسيوط تعد الأكثر فقرا ليس فقط على مستوى المحافظة ولكن تعد الأكثر فقرا على مستوى الجمهورية أهلها يسكنون بيوتا من الطوب اللبن المتهالك.
عم أحمد متولى فلاح من سكان تلك الحجيرات الصغيرة نظر إلينا قائلا "القنوات بتيجى تصورنا عشان تتباهى بفقرنا وإحنا ما نعرفش نقول غير هو العاطى الوهاب سبحانه، لكن أهم حاجة أننا عايشين عشان نعبد ربنا وسط حيطان ساترانا من كلاب الليل حتى وإن كانت بالطوب".
عم أحمد يعيش وأسرته على بيع البلح فى السوق ببضع جنيهات ليعود إلى أهل بيته آخر النهار ومعه القليل من المال الذى يكفيه فقط لطعامه وأولاده يوم واحد ليخرج فى اليوم الثانى باكرا حتى يجمع قوت يومه.
الحاجة زينب والتى تبلغ من العمر (70 عاما) قالت لـ"اليوم السابع" إن القرية "لما اتمدنت دخلوا فيها لمبات الجاز" واصفة حال قريتها، موضحة أنهم يصومون طوال السنة بسبب عدم وجود ما "يفطرون" عليه، مضيفة "أصلنا صايمين طبيعى بس الأيام دى ذكرها ربنا فى القرآن فبنصومها عشان ناخد ثوابها".
ولا تختلف قرية المعابدة بمركز أبنوب كثيرا وإن كانت أسوأ، حيث القرية بالكامل يملأها ظلام حالك عقب أذان المغرب وليس السبب انقطاع التيار الكهربائى بقدر ما أن اللمبات هناك لا تزيد عن كونها شموعا وذلك بسبب انخفاض جهد الكهرباء لديهم كما أن القرية بالكامل تقع تحت سفح الجبل حتى أن ذلك كان سببا فى تزايد أعداد تجار السلاح بهذه المنطقة .
ويقول حسين فاوى "لا يختلف عندنا العيد عن أى يوم آخر ففى بداية اليوم نخرج لنصلى العيد ثم نذهب عقب ذلك لزيارة القبور ونمكث بالقبور ساعة أو أكثر ثم نعود للمنزل ومن يستطيع الذبح من أهل القرية يقوم بذبح الأضحية وبعد ذلك يعود كل منا إلى عمله فى الغيط أو أى عمل آخر وينتهى بذلك".
"سمية" تفترش الأرض بأحد الشوارع لتبيع فلفل أخضر وتشكيلة من الأعشاب الخضراء قائلة "لا وسائل مواصلات بين قريتنا والمدينة بعد صلاة العصر، لذا لا نخرج للاحتفال، فقط يذهب بعض الشباب إلى مدينة أبنوب فى الصباح أو عقب صلاة العيد ومن ثم يعودون مرة أخرى - قبل الليل ما يليل عليهم.
"أم أحمد" قالت بأنها تخاف على أبنائها فى الأيام العادية من الذهاب لمدينة أسيوط والتأخر فيها ولكن يزداد قلقها أكثر فى أيام العيد لذلك تمنعهم ووالدهم من الخروج مع أنهم صبيان، وأضافت أن إطلاق الأعيرة النارية لا ينقطع بقرية المعابدة "وده مش بيخلينا نحس بأى عيد من كتر الخوف ومفيش بيت ما فيهوش حد ما اتصابش من ضرب النار العشوائى"، وعن العيد قالت "أهو زى أى يوم بس الحمد لله كل يوم بيعدى على المسلمين وهما بخير عيد".
وأوضح الحاج حسين المعبدى، أن بعد القرية عن المدينة وكذلك وقوعها تحت سفح الجبل منع الأهالى من الإحساس بأنهم جزء من المحافظة، وتابع "طالبنا أعضاء مجلس الشعب السابقين بأن يراعوا الفقراء الذين ينتظرون العيد من السنة إلى السنة عشان اللحمة".
وواصل "الناس هنا فقيرة وبتكمل عشاها نوم تنزهات إيه ولا فسح إيه إلى تعرفها لكن أملنا كبير فى البرلمان القادم أنهم يعملون حاجة للقرى الفقيرة وينظروا لها بحكم أن اللى عايشين فيها بنى آدميين نفسهم يعيشوا ويفرحوا"، بينما تجلس "منى" عابثة فى أكوام من القمامة قائلة "كل حاجة ليها عازة، وأهم حاجة فى العيد أن الناس بتجبلنا لحمة أصل إحنا بنستنى اللحمة دى من السنة للسنة وبنتلم آخر النهار قدام البيت نلعب مع بعض وبعدين ننام عشان نشوف شغلنا تانى يوم الصبح".
فقيرة تنتظر الفرج
منى تبحث عن رزقها فى أكوام القمامة
سمية بائعة متجولة
فقراء أسيوط
عم أحمد بائع البلح
سيدة وابنتها يفترشان السوق لبيع الخضار
عم أحمد يبيع البلح
منزل أم أحمد
زينب وإحدى جاراتها
بالصور... فقراء "شقلقيل" و"المعابدة" بأسيوط محرومون من فرحة العيد.. عم "متولى" عايش رزق يوم بيوم.. والحاجة "زينب": بنصوم طول السنة عشان مش لاقيين نفطر.. و"منى" تبحث عن رزقها وسط أكوام القمامة
الأحد، 05 أكتوبر 2014 05:22 م
فقراء أسيوط
أسيوط - ضحا صالح
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة