يصعب على كثير من الناس أن يخرجوا غضبهم السيسى على محلب، لأن الرجل- كما تعلمون- نشيط لدرجة أنك لا تستطيع ملاحقته بالانتقاد، حتى فى الحج كان واقفا على جبل عرفات فى المساء، وفوجئنا به فى الصباح يصلى بالقاهرة، وليس أعجب من هذه النقلة السريعة إلا ذاك الجدل الذى لا طائل من ورائه حول إذا ماكانت حجة رئيس الوزراء وأعضاء حكومته سليمة أم لا، ناهيك عن أنها مقبولة أو مرفوضة.
هو تساؤل تافه فى الحقيقة، لكنه يكشف حجم المأساة التى نعيشها، فالشباب الذى أثاروا الأمر، حملت تساؤلاتهم تلميحا خفيا بأنه تعجل العودة للصلاة بالقاهرة خوفا من غضب السيسى، أنا شخصيا لا أعرف عن محلب أنه من هذه العينة، وإلا لكان مازال يعمل فى الخارج بآلاف الدولارات شهريا دون أن يعرض نفسه لهذا الحرج، لكن تحليلى الخاص للأمر هو أن النظام الحالى يعمل بدرجة عالية من التناغم يصر على إبرازها فى المناسبات المختلفة، وهذا التناغم يشمل أن يكون الرئيس و حكومته فى كادر واحد بالصف الأول من الصلاة.
فى الماضى كانت الصحف اليومية باختلاف توجهاتها تضع لنفسها خطوطا حمراء تبدأ عن عتبات ديوان الرئاسة وصولا لشخص الرئيس، فكان أولى الناس بالنقد هو رئيس الحكومة ثم الذى يليه من الوزراء، مع محلب يبدو الأمر أصعب قليلا، هو يخطىء طبعا، لكنه يعمل على الأرض أكثر مما يعمل منتقدوه، رغم هذا فإن «الثعالب الصغيرة»- كما يحب الأستاذ حمدى رزق أن يسميها- وجدت «فى جهلها» على ما أعتقد، فرصة لتقطيع الرجل على «الفيس بوك» بذريعة أن حجته ناقصة من أجل عيون السيسى، حتى بعد أن قال متخصصون إن الحجة صحيحة صبت عليهم تلك الثعالب سخريتها، واصفة إياهم بشيوخ السلطان، وعندما أصدر مجلس الوزراء بيانا يشرح فيه الأمر، اعتبروه «تافها» لأنه ترك مصالح الشعب ليدافع عن حجة رئيس الحكومة.
نحن أمام استبداد جديد إذن، يقوم على حرية الرأى ويتغذى بحرية التعبير، ويستند إلى السخرية وخفة الدم المنسوبة للمصريين، لا يتعلق الأمر بالفيس بوك فقط، بل يمتد للوعى العام، وكلاهما يبنى كثيرا من آرائه وقراراته على معلومات خاطئة ينشغل الناس كثيرا بها، هؤلاء المستبدون الجدد لن يقنعهم إلا أن ينشر إبراهيم محلب صورة«سيلفى» له مع إبليس ومن خلفهما جسر الجمرات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة