ونحن نعيش ذكريات النصر والعزة والشرف فى حرب أكتوبر المجيدة، علينا أن نتذكر أبطالا قدموا نموذجا رائعا فى التضحية والفداء، وعملوا فى صمت وعاشوا ورحلوا أيضا فى صمت، إيمانا بأن الثواب والأجر عند الخالق سبحانه وتعالى، وأن التاريخ مهما طال الزمن سيمجد سيرتهم العطرة وبطولاتهم الفذة بأحرف من نور.
من بين الأبطال الذين بحثت عن سيرتهم مؤخرا ولم أكن مثل غيرى أعرفهم معرفة حقيقية، هو الفريق حلمى عفيفى عبدالبر – 1922 - 2011 - أحد القادة الأفذاذ فى حرب أكتوبر، وأحد العقول المصرية المخلصة التى كانت وراء فكرة إنشاء تحصينات مواقع الصواريخ سابقة التجهيز، والذى قاد إحدى فرق الدفاع الجوى أثناء العبور العظيم، وقبلها فى حرب الاستنزاف قاد إحدى وحدات الدفاع الجوى بالمنطقة الجنوبية والبحر الأحمر حتى عام 1970.
كانت مصر تعانى من اختراق الطائرات الصهيونية لمجالها الجوى بعد هزيمة يونيو، وبدأ التفكير فى إنشاء حائط الصواريخ، وأثناء اجتماع الرئيس جمال عبدالناصر بقادة كتائب الصواريخ لعرض المشكلات التى تمنع دخول الصواريخ إلى الجبهة، وتحول دون تجهيز مواقع خرسانية لاحتلالها بكتائب الصواريخ، وبالتالى يتم بقاء كتائب الكمائن فى العراء مما يعرضها للتدمير بواسطة طيران العدو، فكان لابد من الوصول إلى حل لهذه المشكلة، فقدم الضابط حلمى عفيفى عبد البر اقتراحاً بإنشاء الحوائط الخرسانية سابقة التجهيز فى مكان بعيد عن الجبهة، لتنقل ويقوم سلاح المهندسين بتركيبها ويتم احتلالها ليلاً بكتائب النيران، على أن تكون جاهزة مع أول ضوء فى اليوم التالى لتفاجئ العدو، وهو الاقتراح الذى حظى بموافقة رئيس الجمهورية، وتم تنفيذه بكل دقة فكان له الفضل الأكبر فى توفير التجهيز الهندسى والتحصينات اللازمة لكتائب الصواريخ لتنفيذ الكمائن. وبدأ تنفيذ حائط الصواريخ الذى أسقطت فيه أول طائرة فانتوم يوم 30 يونيو 1970 هذا اليوم المشهود فى تاريخ قوات الدفاع الجوى، وكان نهاية يوم 7 أغسطس 70 أكثر عظمة وأعلى شأنا،ً فبنهايته كانت سماء جبهة القناة قد تم إحكام تغطيتها بالانتهاء من إنشاء حائط الصواريخ، إيذاناً بانتهاء حرب الاستنزاف.
كانت آخر المناصب القيادية التى تولاها نائب وزير الحربية، وأحيل إلى التقاعد بناءً على طلبه، وذلك لظروفه الصحية فى ديسمبر 1979. حصل على عدد كبير من الأوسمة والأنواط وشهادات التقدير والتفوق. ومارس العمل الاجتماعى بشكل كبير خلال فترة التقاعد من خلال عمله التطوعى فى إحدى جمعيات رعاية الأطفال الأيتام فى الإسكندرية وتوفى فى 2011.