"حرام" هكذا كانت النتيجة النهائية التى اتفق عليها رجال الدين والفتاوى المنشورة من المؤسسات الإسلامية المختلفة بخصوص ممارسة أى رياضة تنطوى على "خطر"، فتاوى انتهت إلى أن الجسد أمانة وأى فعل يضر به محرم، مشترطين لحل أى رياضة ألا تلهى عن واجب شرعى وأن تكون النية حسنة، وأن تستر العورة وألا تشتمل على خطر مباشر أو حتى هناك ظن فى ذلك.
وفى كتابه "الترويح عن النفس" خصص الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الفقة المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، فصلا كاملا عن الألعاب الرياضية، وقسمها إلى الجائز والمكروه والمحرم حيث ضم الأخير كل ما هو فيه إيذاء للجسد سواء بكسور أو جروح أو ارتجاج أو وفاة، واعتبر صراحة أن ذلك ينطبق على المصارعة الحرة والتايكوندو والملاكمة.
ويقول كريمة: "مجامع الفقة الإسلامى فى السعودية والأردن حرمت هذه الرياضات بشكل صريح لأن مخاطرها معروفة وواضحة، أما فيما عداها فلم يحرم الفقهاء رياضة بعينها، بل وضعوا الوصف العام بأن أى رياضة تؤذى فهى محرمة، ويدخل فى ذلك تسلق الجبال الوعرة، ومثلا الغوص فى اعماق الماء لمن لا يجيد، والأصل فى ذلك قوله تعالى "لا تلقو بأيديكم إلى التهلكة" و"لا تقتلو أنفسكم" والحديث الشريف "لا ضرر ولا ضرار"، و"أن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام".
واعتبر أن هذا الشرط من المفترض أن نقيس عليه أى رياضة، فإذا انطبق تدخل فى دائرة التحريم، وأن ذلك ينطبق على الرجل والمرأة، ولكن يزيد على المرأة شروط أخرى فى تحريم الرياضة بألا تكون مكشوفة أمام الرجال، بالإضافة إلى الرياضة التى لا تتناسب مع طبيعة المرأة، مثل أن يؤذيها أثناء بوادر حمل.
وقال كريمة أن المكتبة الإسلامية فقيرة فى هذا الجانب، وأن الدول العربية بحاجة إلى فتح المناقشة حول هذا النوع من الرياضات .
واتفق معه الدكتور عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً، وقال أن ممارسة أى رياضة فيها نسبة من الخطورة أمر مخالف لما قاله الإسلام، خاصة وأنها من الممكن أن تودى بحياته، وقال تعالى فى القرآن الكريم: "لا تلقو بأيديكم إلى التهلكة"، مضيفا "من الأفضل تعلم الرياضات التى نصح بها الرسول عليه الصلاة والسلام، الرماية والسباحة وركوب الخيل والمشى".
وأضاف: "الرياضات العنيفة والخطرة تؤدى بصاحبها إلى الهلاك، وهو ما نهى عنه الله لأن الحياة نعمة منحها الله للإنسان، ويجب أن يحافظ عليها، لذا فمن يتوفى أثناء ممارسة إحدى هذه الرياضات لا يعد شهيدًا، لافتا إلى أن الشهيد من الممكن أن يكون شهيد دنيا وهو من مات وهو يقاتل ابتغاء غرض من أغراض الدنيا، وشهيد الآخرة وهو من مات فى حريق أو بمرض مثل الطاعون، وشهيد الدنيا والآخرة وهو من قاتل لأن تكون كلمة الله هى العليا، أما من يموت أثناء ممارسة أى نوع من أنواع الرياضات العنيفة والخطرة يكون هو الذى ألقى بنفسه فى هذه التهلكة " .
وعلق الدكتور محمد أبو ليلة، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، قائلا إن ممارسة هذه الرياضات ترجع فى الأساس لتقدير الشخص نفسه لطاقته إذا ما كان قادرا عليها أم لا، لكن فى الوقت نفسه يمنع الإسلام الضرر عن الإنسان ولذلك فممارسة أى شىء يهدد حياته ممنوعة فى التشريع، مضيفا: "لا يجب أن نمجدها ونزينها حتى لا تنتشر".
ولم يختلف الأمر بالنسبة للفتاوى المنشورة على مواقع المؤسسات الدينية على الانترنت أو مواقع عدد من العلماء، وكانت أبرز الأسئلة تدور حول تسلق الجبال، السير على الحبل من ارتفاع شاهق، القفز من الارتفاعات العالية، البقاء مع الأفاعى، المصارعة، جمال الأجسام.
وقد جاءت أغلب الردود تقريبا واحدة بأن الشريعة الإسلامية أمرت بالاعتناء بالبدن وبناء عليه حرمت الإضرار به.
على موقع الشيخ محمد صالح المنجد، قال فى رده أن فقه الحنفية أحل اللعب الخطر ل"الحاذق" و"أن يغلب على ظنه السلامة"، وشرح ذلك قائلا بأن الحاذق هو صاحب المهارة والإجادة التامة لمثل هذه الألعاب، والظن بالسلامة يعنى أن تكون نسبة السلامة أكبر من عدمها، لأنه إذا زاد الشك تحرم ـ وأخيرا اشترط ألا يكون اللعب على مال.
أما إسلام ويب فقد اعتبر أن حل أو تحريم ممارسة الرياضة أصلا يعتمد على النية من ممارستها فأوضح أن الأصل فى حل الرياضة أن تهدف إلى الترويح عن النفس أو المحافظة على الصحة أو تقوية القلب على التحمل وتعلم الشجاعة واحتمال المشاق لتكون وسيلة لصيانة حرمات الدين وكرامة وحقوق المسلمين، أما غير ذلك فهى حرام، واستند الموقع فى ذلك على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"
نفس الكلام جاء فى فتوى الهيئة العامة للشئون الإسلامية والأوقاف والتى قالت أنه إذا ما اجتزنا الشرط الأول يبقى 5 ضوابط أخرى إذا نقصت تصبح محرمة، فمثلا إذا جاءت على فرض كالصلاة، وإذا كشفت العورة لذا فكمال الاجسام وفقا للفتوى "حرام" ولعب كرة القدم يجب أن يكون بإرتداء بنطلون طويل، وأن الرياضات الخطرة التى قد تؤدّى إلى الموت كتسلّق الجبال وما شابه ذلك، فيها إرخاص للنفس بلا مسوّغ شرعى، وإن لم تكن انتحاراً مباشراً متعمّداً.
الأمر الذى نفاه الدكتور محمد المنسى، أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم- جامعة القاهرة، وقال أن ذلك غير صحيح لأن ممارسها ليس قاتل لنفسه، مضيفا أنه لا توجد اراء فقهية فى هذا الشان لأن الرياضة توسعت جدا، لكن الاصل فى الإسلام هو الحفاظ على النفس، لأن الإسلام حريص على النفس الإنسانية التى كرمها الله حية وميتة، ولا يشجع على مثل هذه الرياضات الخطرة .
وحرمت الفتاوى الرياضة الخطرة على المرأة بشكل عام وذلك على اعتبار انها ضد طبيعتها "الأنثوية"، ورغم أن الهيئة العامة للشئون الإسلامية، أوضحت أن الرياضة مهمة للمرأة لتنشيط جسدها، لكن وضعت شروط محددة لها مثل ألا تكون مكشوفة أمام الرجل حتى لا تثير فتنة له، وأن تلتزم فيها بالزى الشرعى "إلا إذا كانت فى المنزل" وهو ما تحث عليه الفتوى فى النهاية، وأخيرا أن تكون رياضة تناسب طبيعتها، فوفقا لنص الفتوى "لا بد أن تمارس المرأةُ الرياضة التى تلحق بها، فلو فرضنا أنها تمارس رياضة رفع الأثقال، بعد حين تصبح رجلاً، لأن طبيعة هذه التدريبات تظهر العضلات، والله عز وجل جعلها فى الأصل انسيابية الخطوط، أما الرياضى الذى يزهو بعضلاته، كل عضلة تعد على حدة، فإذا مارست المرأة رياضة لا تليق بأنوثتها تشبهت بالرجال ".
موضوعات متعلقة:
مصرع متسلقة جبال مصرية على مرتفعات المغرب يثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعى.. نشطاء يكفرون هبة الحسينى قائلين: "المسلمة ملهاش غير بيتها" و"إيه اللى طلعها الجبل".. وآخرون يردون: ربنا يصبر أهلها
عقب وفاة متسلقة الجبال "هبة الحسينى".. رجال دين: الرياضة الخطرة "حرام".. ومن مات وهو يمارسها "ليس شهيداً".. وفتاوى المواقع الإسلامية تحرم المصارعة والتايكوندو.. وتقصر رياضة المرأة على المنزل
الخميس، 09 أكتوبر 2014 11:32 م
متسلقة الجبال هبة الحسينى
كتبت آية نبيل وسماح عبد الحميد
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة