السفر على الطرق البرية فى مصر هو قطعة من العذاب ونوع من المخاطرة غير المضمونة، والسير فى المجهول بمفاجآته غير السارة، شبكة الطرق فى أنحاء مصر متهالكة وعشوائية إلا عدد قليل للغاية وربما أبرزها الطرق التى قام بتنفيذها الجيش، وما دون ذلك فهى طرق لا تصلح للسير عليها بعيدا عن المعايير العالمية للإنشاء والرصف والصيانة، وهو ما يعترف به المسؤولون، فنحن متخلفون عن العالم فى مجال صيانة الطرق بنحو 50 عاما، وهو ما ذكره رئيس هيئة الطرق الدكتور سعد الجيوشى.
إذا كانت الحكومة الآن تبحث عن الاستثمارات وتسعى إلى جعل مصر مركزا لوجستيا عالميا فى مجالات عديدة وتبذل جهودا حثيثة لرفع معدلات السياحة وإنشاء مشروعات عملاقة، فإن كل ذلك لن يصبح أمرا واقعا، إلا إذا كانت لدينا منظومة شاملة لطرق متطورة وحديثة، تحقق للدولة ما تريده وما تخطط له وما تحلم به فى السنوات القليلة المقبلة، حال الطرق الحالية لا يسر أحدا وتحول السفر عليها إلى نوع من المخاطرة والمغامرة، ولا يحقق أى عامل جذب للمستثمرين أو حتى مصدر من مصادر الدخل للدولة، لأن الطرق الحديثة هى مصادر دخل حقيقية لميزانيات الدول، إضافة إلى الحفاظ على أرواح البشر التى تراق دماؤها يوميا بسبب سوء حالة هذه الطرق.
لدينا فى مصر حسب معلومات وزارة النقل 24 ألف كيلومتر للطرق البرية، لو طبقنا عليها المعايير الدولية أو حتى الإقليمية بالمقارنة مع دول عربية أخرى فسوف يخرج أكثر من %95 من الخدمة ولا يصلح أن يطلق عليه مصطلح الطريق بالمعنى العلمى، بل كارثة تتسبب فى خسارة الدولة للمال والبشر، فهناك مليارات الجنيهات المهدرة بسبب عشوائية الطرق وسوء حالتها.
وحتى نعرف الفارق بين الطرق فى مصر وطرق الدول الأخرى، وحتى الدول العربية، والفارق بين المنظومة هنا والمنظومة هناك، فمؤخرا أعلنت هيئة الطرق والمواصلات فى دبى أن منظومة الطرق لديها حققت ما يقرب من 72 مليار درهم لاقتصاد الإمارة فى سبعة أعوام فقط بعد أن أصبحت أحد أساسيات البنية التحتية الداعمة للاقتصاد الوطنى، وليس كارثة له وعبء عليه، فحسب الدراسات العالمية فإن كل جنيه أو دولار أو درهم يتم إنفاقه على البنية التحتية يُحقق عائداً 6 أضعاف بما فى ذلك الفوائد المباشرة وغير المباشرة.. وهذا هو الفارق.