هناك جدل يمكن أن يكون مفيدا، وآخر لا يخرج عن نطاق المزايدات أو الرغبة فى الانتقام. نقول هذا بمناسبة ما يجرى فى سيناء وعلى الشريط الحدودى فى رفح، وكلها خطوات لا تنفصل عن بعضها، لأنها جاءت بعد عملية إرهابية كانت فى جزء منها بسبب حرص الجيش على مصالح المواطنين وعدم المبالغة فى اجراءات المنع بالرغم من أنه فى أى حرب الطبيعى سد الثغرات التى يمكن أن ينفذ منها العدو، ومن هذه الثغرات التى تأخر إغلاقها هو أنفاق رفح.
المستفيدون من الأنفاق طبيعى أن يقاوموا إغلاق الأنفاق، لكنهم لن يعلنوا ذلك صراحة وإنما سوف يبحثون عن جدار يختفون حوله هو أهالى سيناء، لكن لأنهم عجزوا عن تقديم دليل واضح على تضرر المواطنين لجأوا للتزوير، رأينا صورا لسيدات فلسطينيات ضحايا الاحتلال الإسرائيلى يتم تقديمهن على أنهن من سيناء، وفيديوهات مفبركة من العراق أو مزورة بوضوح عن تعذيب غير حقيقى بلا مكان ولا زمان.
لم يبد المعترضون أى اندهاش من ظهور كل هذا العدد من الأنفاق من غزة لمصر، وهو أمر غير معهود ولا موجود فى أى مكان فى العالم. وطبيعى أن أصحاب هذه الأنفاق لا يفرقون بين الطعام والسلاح فالهدف هو الربح، وهى أرباح ضخمة. بل وهناك من يرى أن أصحاب الأنفاق هم من يفضلون إغلاق المعابر من جهة إسرائيل وغيرها، لأنهم يربحون أكثر.
لا أحدا ممن ارتدوا ثوب الإنسانية تساءل عن بلد فى العالم يسمح بهذا العبث وهذا العدد من الأنفاق. والمفارقة أن فى 800 منزل هناك ما يقرب من 200 إلى 300 نفق. وهو ما يجعل الإخلاء أكثر من مجرد إعادة توزيع السكان إلى إغلاق خطر واضح.
فيما يخص مصالح المواطنين أصحاب المنازل، صحيح أنهم بنوا فى مكان غير قانونى لكنهم اكتسبوا موقعا قانونيا، وبالتالى من حقهم بدائل وتعويضات، وهذا أمر لا يناقض الدستور، لأن النقل للمصالحة العامة مع التعويض جائز فى حالات المترو أو المشروعات العامة، ولا أحد مع التعسف، وطبيعى أن يكون الجيش حريصا على مصالح مواطنى سيناء، لأنه بينهم ويعرفهم من عقود. ثم أن الإرهاب فى ظل فوضى الحدود يمثل تهديدا مباشرا للسكان، ويقتل ويخطف، وبالتالى فإن القضاء على الإرهاب بداية لتنمية مطلوبة تغلق باب الجدل المعلق من سنوات، فالدولة من دورها حماية مصالح المواطنين، لكن ليس من دورها ضمان مصالح أصحاب أنفاق التهريب. أما عن مصالح الناس فالدولة تدافع عنها مرتين، الأولى بالقضاء على الإرهاب، والثانية بتنمية حقيقة تمنع عودة الإرهاب أو التهريب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة