هناك مثل شعبى يردده المصريون دائمًا عندما يطلقون حكمًا على قضية أو أمر ما لا تبشر مقدماته بخير، وهو «الجواب بيبان من عنوانه».. هذا ما حدث بعد حفل افتتاح الدورة الـ36 لمهرجان القاهرة السينمائى، حيث خرجت التصريحات والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعى تحمل الكثير من السخرية، ووصف المهرجان بـ«الفاشل»، وأن ما حدث كان «فضيحة»، بل إن النجمة التونسية درة صرحت لأحد المواقع الإخبارية وقالت «أنا حاسة إنى فى ميكروباص مش مهرجان سينما»، وبالطبع لا ألوم أحدا فى إطلاق التصريحات أو حتى السخرية، ولكن أن يصل البعض إلى القول بأن المهرجان قد فشل؟ فهذا ما يجب أن نتوقف عنده.
بالطبع هناك الكثير من الأخطاء التى شهدها حفل الافتتاح وهى الأخطاء التى كان من المفترض عدم الوقوع فيها من جانب إدارة المهرجان، بداية من اختيار مكان حفل الافتتاح بمحكى القلعة، فهو مكان مفتوح ولذلك كان من المفترض أن يتم تجهيز المسرح بشكل تقنى مختلف للتغلب على مشاكل المكان بدءًا من الإضاءة والصوت وشاشة العرض، كما بدا المسرح فقيرًا للغاية ولا يتناسب مع افتتاح حدث بحجم مهرجان القاهرة «الذى يعود بعد غياب»، إضافة إلى درجة الحرارة التى أثرت على قدرة الضيوف فى التعاطى مع فقرات الحفل، وهو ما جعل الحفل يبدو باهتًا، وكذلك سيطرة المخرج على خشبة المسرح، والذى بدا معه أن هناك الكثير من الأمور خارجة عن السيطرة، وعدم التوافق بين الفرقة الموسيقية وما يدور على خشية المسرح.
كل شىء كان دون إيقاع أو حس حقيقى، كما أن اختيار النجم آسر ياسين لم يكن موفقًا لتقديم الحفل، خصوصا أن طبقة صوته لم تكن مناسبة أبدا للمسرح المفتوح، ويبدو أنه كان يحتاج لتدريب أكثر على الحديث وتقديم فقرات الحفل، أو الحركة على المسرح والحديث القصير حتى مع الضيوف سواء المكرمين أو لجان التحكيم، وظهر الفرق واضحًا عندما تحدث المخرج خيرى بشارة، والناقد ورئيس المركز السينمائى المغربى نور الدين الصايل، اللذان رفعا طبقة صوتيهما وأمسكا بالميكروفون، ليصل الصوت للحضور.
وإذا كانت إدارة المهرجان قد اضطرت لاختيار مكان بديل عن المسرح الكبير لدار الأوبرا المصرية، بسبب انشغاله بختام مهرجان الموسيقى العربية، فكان من الأفضل اختيار مكان مغلق، أو العمل على تجهيز هذا المكان الأثرى الساحر، والذى يضفى الكثير من الأجواء التاريخية ويعطى للحدث قيمة، خصوصا أن نفس المكان سبق أن استضاف أحداثًا مهمة من قبل بعض القنوات العربية وغيرها وتم تجهيزه فنيًا على أعلى مستوى، ولم أفهم كيف قرر القائمون على الحفل أن يتم نقل الضيوف بميكروباصات ولماذا لم يتم توفير عربات الجولف، وإذا كانت المسألة مادية، وتتعلق بعدم توافر السيولة الكافية، ليخرج حفل الافتتاح بشكل مشرف.
لا ننكر الأخطاء وعلينا أن نعترف بها، خصوصًا أن المهرجان ولد ولادة متعسرة ولكن الحكم عليه بالفشل من أخطاء حفل الافتتاح هو حكم ظالم إلى حد كبير، ويظل مستوى الأفلام المشاركة فى الفعاليات، وحجم المطبوعات وحلقات البحث والأنشطة الموازية، ووجود شخصية سينمائية بحجم فولكر شولندرورف هو حدث يستحق الاحتفاء ونفس الحال بالنسبة للمخرج فاتح اكين هو الأهم والفيصل فى التقييم النهائى للدورة الـ36، بدلا من نظرية «الجواب يبان من عنوانه».. والمهم هو أن المهرجان قد عاد وبروح يغلب عليها الطابع الثقافى، فصبرا أيها المنتقدون!.