الغناء الوطنى الذى ارتبط باسم حاكم لم يصمد كثيرا فى الوجدان، حتى لو كان هناك إجماع على هذا الحاكم، لأن المصريين يتذكرون ما يخص «مصرهم» أولا وأخيرا، وربما كانت الأغنيات التى ارتبطت بالأحداث العظمى بعد زوال الكابوس العثمانى هى التى كتب لها البقاء، فمنذ ثورة 1919 مرورا بثورة يوليو والعدوان الثلاثى وبناء السد العالى ومحاولة النهوض بعد النكسة حتى العبور العظيم، والغناء الوطنى كان احتياجا إنسانيا عاما، لأن نغمة الوطنية المصرية كانت مضبوطة على آذان وقلوب الجميع، كان الكل فى المعركة أو يبنى أو يؤكد لنفسه أنه فى طريقه إلى النصر وإلى مستقبل أفضل، ولعبت الإذاعة المصرية دورا عظيما فى صناعة الأغنية، لأن القائمين عليها كانوا على قدر المسؤولية، مسؤولية ضبط الوجدان العام على نغمة واحدة، بالإضافة إلى وجود ملحنين عظام نجحوا فى تجميع الناس حول جمل موسيقية متفق عليها، وشعراء صدقوا وآمنوا بالقضايا التى تصدوا لها.
وكانت الأصوات البديعة تظلل سماء مصر بفرح من نوع غريب، كانت مصر حبيبة حقيقية يتغنى العشاق بها، أنت الآن لا تعرف لماذا لا يغنى العشاق لها، العشاق الذين قاموا معا بثورتين عظيمتين، ويحاربون الإرهاب والأعداء القدامى، ويحفرون قناة السويس من جديد، الشاعر الكبير والصديق عالى المقام عبد الرحمن الأبنودى أحد أعمدة الغناء الوطنى حمل أول أمس فى الأخبار الإذاعة المسؤولية، وعنده حق، توجد أصوات جميلة ويوجد شعراء فى غاية العذوية وملحنون صادقون يبحثون عن مكان يخصهم، بعيدا عن سماسرة الغناء، الإذاعة الآن لا تفعل شيئا غير استدعاء الماضى.. كأن الدنيا توقفت.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة