ليس لدى أدنى شك فى أن الجيش الذى حرر سيناء من إسرائيل قادر على تحريرها من الإرهاب، ولكنها معركة صعبة وشرسة، ولن تنته بين يوم وليلة، لوجود آلاف الإرهابيين الذين جلبهم الإخوان من العراق وأفغانستان وسوريا، وتخزين كميات كبيرة من الأسلحة المهربة من السودان وليبيا فى مخابئ سرية تحت الأرض، بجانب ضبابية المعلومات عن العناصر الإرهابية الخطرة، بعد حل جهاز أمن الدولة عقب 25 يناير، وترويع كوادره وقياداته الذين تابعوا نشاط هذه الجماعات، ويزيد من صعوبة الموقف تورط حماس فى العمليات الإرهابية، ولولا أواصر العروبة والدين لكان من حق الجيش أن يدك غزة على رأس حماس، لكنها معركة الصبر وضبط النفس وطول البال.
لا أكشف سرا إذا قلت إن المعزول مرسى حفيت قدميه ليقابل الرئيس الروسى بوتين، ولما تم اللقاء فى موسكو، عرض عليه أن يستضيف فى سيناء بعض مقاتلى الشيشان، ليخفف الضغط عن روسيا، مثلما استضاف بعض عناصر القاعدة من أفغانستان، ليخفف الضغوط على القوات الأمريكية، إلا أن بوتين الذى كان رئيسا للمخابرات السوفيتية رفض العرض بطريقة مهينة للمعزول، لأنه يعرف تماما مدى قذارة هذه الجماعات التى حاربت بلاده فى أفغانستان، وأن مرسى بسذاجته جاء عارضا صفقة الشيطان يبيع فيها بلده لصالح جماعته، فلا يمكن الوثوق به ولا عهد ولا أمان.
وصعوبة المعركة أن الجيش يواجه عصابات إرهابية مدربة تدريبا عاليا، وتلقى دعما ماليا ومعنويا من قوى فى الداخل والخارج، بجانب أنه عدو خسيس وجبان، ويختفى فى الشقوق والجحور كالفئران، ولا يعرف شرف القتال ويتخذ من المدنيين دروعا بشرية، ويتعاون معه بعض الخونة الذين يبيعون وطنهم، وتتطلب المواجهة أقصى درجات الحرص والحذر، لتكون الآثار الجانبية للعمليات العسكرية فى حدها الأدنى، خصوصا فى المنطقة الحدودية التى تم إخلاؤها، والتى تعد فى حد ذاتها بداية حقيقية لتجفيف منابع التمويل والتسليح، وتدمير الأنفاق التى يتسلل منها الإرهابيون، تحت شعارات زائفة حول فك الحصار عن أهالى غزة، بينما هى فى حقيقة الأمر اعتداء صارخ وهمجى على السيادة المصرية.
مخطئ من يتصور أن الجماعات الإرهابية تحقق انتصارا فى مسرح العمليات، ولا أن شرائط فيديو بيت المقدس تمثل إزعاجا للأبطال الذين يخوضون حربا مقدسة لتطهير سيناء الغالية من الإرهاب، ولو أرادت السلطات المصرية أن تحاربهم بسلاح الفيديوهات، لبدا واضحا حجم الضربات القاصمة التى تستهدف تدمير البنية التحتية للجماعات الإرهابية، واجتثاث الوباء من جذوره والقضاء تماما على البؤر التى يختفى فيها الإرهابيون، وقطع خطوط الإمداد التى تزودهم بالأموال والأسلحة، وإعادة تأهيل المناطق التى يتم تطهيرها، وهو ما يحدث لأول مرة منذ تحريرها من إسرائيل.
أراد الإخوان أن يجعلوا سيناء وطنا قوميا للجماعات الإرهابية، يجمع شتاتهم ويدعم أطماعهم فى ابتلاع مصر وترويع شعبها، واستثمروا حالة الفوضى والضعف والتفكك لقوات الشرطة المدنية، تحت مظلة طابور خامس يلعب بالمشاعر الوطنية، حول غزة التى تحاصرها إسرائيل لقتل شعبها، وزعموا كذبا أن فك الحصار يبدأ من فتح منفذ رفح وعدم الاقتراب من الأنفاق، ولم تعد هذه الأكاذيب الآن تنطلى على أحد، بعد أن فضح الإرهابيون أنفسهم بأنفسهم، وفوض الشعب المصرى جيشه العظيم، لتطهير سيناء الغالية من أذنابهم، وتمضى الجراحة الصعبة بنجاح كبير، لأن الجيش الذى حرر سيناء من إسرائيل يعرف كيف يحررها من الإرهابيين.