تتذكرون قصة الجاسوس الذى زرعته الولايات المتحدة الأمريكية لإسقاط إمبراطورية الاتحاد السوفيتى؟
قصة هذا الجاسوس التى انتشرت عقب انهيار سور برلين الشهير بين ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية عام 1989، تروى أنه كان ضابطا، تنقل بين الدوائر الرئيسية لصنع القرار السوفيتى، وأن المخابرات السوفيتية «الكى جى بى» شكت فيه فى البداية، واستشعرت أن هناك ثمة علاقة تربطه بالمخابرات الأمريكية «السى آى إيه»، ووضعته تحت رقابة مشددة ولفترة طويلة، لم تكتشف وجود مثل هذه العلاقة لأنه ببساطة لم يكن جاسوسا تقليديا، فلم يرسل مرة واحدة برقية بحبر سرى، أو يستخدم الشفرات السرية لنقل المعلومات إلى واشنطن، ولم يسافر إلى أمريكا مرة واحدة فى حياته، ولكنه كان يعمل ليل نهار بجهد أسطورى دون أن تظهر عليه أمارات الغضب من النظام السوفيتى.
هذا الجاسوس، كانت مهمته الرئيسية التى طلبتها منه المخابرات الأمريكية، أن يختار العناصر الأقل كفاءة، والأسوأ خلقا من بين المتقدمين للتعيين فى أجهزة الدولة المختلفة، فإذا تقدم عدد من الموظفين لشغل وظيفة معينة فى مؤسسة عامة، أو جامعة أو مصنع، فإن عليه فقط استبعاد الكفاءات، واختيار الأسوأ، واستطاع خلال 3 عقود من تطبيق هذه النظرية أن يقضى على الإمبراطورية السوفيتية، وتحولت إلى خراب ، دون أن تستخدم أمريكا سلاحها النووى، أو تطلق صاروخا واحدا.
سيناريو هذا الجاسوس، طبقه «بحذافيره»، ضباط مباحث أمن الدولة المنحل فى مصر، طوال العقود الماضية واستفحل فى العقدين الأخيرين من نظام مبارك، دون أن تجندهم، لا أمريكا ولا حتى إسرائيل.
مباحث أمن الدولة، تبرع بجهد ذاتى أن يؤدى فى مصر نفس الدور الذى أداه الجاسوس الذى زرعته أمريكا فى جسد الاتحاد السوفيتى، حيث سيطر على كل مفاصل الدولة المصرية، واعتقادا منهم أنهم يحافظون على بقاء نظام مبارك، قرروا استبعاد أهل الكفاءة من المناصب المهمة فى كل المؤسسات، واستعانوا بأهل الثقة، الأقل كفاءة والأسوأ خلقا، وأن كل مقوماتهم أنهم بعيدون عن السياسة، ولا يبدون أى معارضة من أى نوع.
هذا السيناريو الخطير أدى إلى تفريغ كل مؤسسات الدولة من الكفاءات طوال العقدين الماضيين، وهو ما تعانى من آثاره السلبية البلاد حاليا، فالرئيس عبدالفتاح السيسى يخرج علينا ويؤكد ندرة الكفاءات فى الجهاز الإدارى للدولة، والبحث عن تعيين محافظ، أو وزير، أو مسؤول لجهاز حساس، أو مؤسسة عامة من أهل الكفاءة، يُعد من بين قائمة المستحيلات. جهاز أمن الدولة السابق دشن لخراب مصر من خلال تفريغ كل المؤسسات والأجهزة من الكفاءات، والدفع بأهل الثقة، وشيوع المحسوبية والواسطة فى التعيين، مما كان له بالغ الأثر السيئ فى حالة الانهيار التى نعيشها الآن.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة