أحمد حلمى وزينب المهدى.. قد لا ترى أى رابط يجمع الاسمين أو تتعجب من وضع اسميهما معا .
أحمد حلمى الفنان الشاب ذو الشعبية الجارفة والأفلام التى لا تمل من مشاهدتها والتى يحمل كل منها فكرة تجعلك ترى نفسك فى أحد شخوصها، تلمس عيوبك وأخطاءك وضعفك الإنسانى ومعاناتك وأحاسيسك وإحباطاتك بطريقة تخلو من أسلوب الوعظ والإرشاد .
توقن قبل أن ترى أى عمل جديد لحلمى أنك ستخرج بشىء ذى قيمة وأنك ستواجه نفسك وكأنك تقف أمام مرآة، تعلق كلماته وقفشاته التى تحمل الحكمة الضاحكة فى أذهاننا جميعا ونرددها دائما .
تعرض الفنان المحبوب وزوجته الجميلة منى زكى لأزمات صحية خلال الفترة الماضية وقبل أن يشيع الخبر تعرضا لهجوم رغم ما يتمتعان به من شعبية وحب بسبب ولادة منى زكى لطفلهما سليم فى أمريكا، ودون أن يعرف الكثيرون أن منى ذهبت للعلاج ومتابعة الحمل لإصابتها بمرض مناعى نادر وأن أحمد أصيب بورم سرطانى فى الظهر يستدعى إجراء جراحة .
صب البعض الاتهامات بعدم الانتماء على الزوجين وتندروا بما كان يقوله أحمد حلمى فى فيلمه عسل أسود .
هكذا عانى أحمد حلمى وزوجته مما جسده فى فيلمه ألف مبروك الذى يحكم فيه البطل على الأمور بسطحية وأنانية ودون أن يجهد نفسه أو يفكر فى مشاعر غيره أو معاناته، فيرى دائما الأمور بعكس ما هى عليه، يرى والدته التى تتعاطى الترامادول مدمنة دون أن يدرك أنها مصابة بالسرطان وتحاول تخفيف آلامها دون أن تخبره، ويرى والده لصا دون أن يعلم أنه استبدل معاشه حتى يكمل تجهيزات عرسه، ينفجر ويقسو على أقرب المقربين إليه دون أن يرى الحقيقة.
أما زينب المهدى فهى تلك الفتاة التى يتحدث الجميع عن دورها الثورى وعن مساعدتها لغيرها وعن نشاطها السياسى والاجتماعى، كانت منتمية لجماعة الإخوان ثم انشقت عنها وانضمت لحملة أبو الفتوح وثارت ضد حكم مرسى .
شابة ثائرة حلمت مثل باقى الشباب بوطن حر، بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية، بحقوق زملائها الشهداء، بوطن يجد فيه الشباب مكانا وأملا، لا قبرا وسجنا .
ومثلها مثل باقى جيلها الثائر المصدوم الذى دفع وحده ثمن الثورة دون أن يرى أحلامه تتحقق، فقدت زينب إيمانها بأن العدل سيتحقق يوما، كتبت أخر كلماتها ثم اغلقت صفحتها على الفيس بوك واعتزلت أصدقاءها واعتزلوها بعد أن خلعت الحجاب .
كانت آخر كلماتها "تعبت استهلكت مفيش فايدة، احنا بنفحت فى ميه، مفيش قانون خالص هيجيب حق حد بس احنا بنعمل اللى علينا، أهه كلمة حق نقدر بيها نبص لوشوشنا فى المراية، من غير ما نتف عليها، مفيش عدل وأنا مدركة ده، ومفيش أى نصر جاى، بس بنضحك على نفسنا عشان نعرف نعيش" ، ثم انتحرت زينب بعد أن مرت بحالة نفسية سيئة واكتئاب شديد ، كما انتحر الأمل فى نفوس الشباب بعد سلسلة من الإحباطات .
ودون أن يدرك الكثيرون ما كانت تعانيه وكيف كانت حالتها فى أواخر أيامها نصب البعض من نفسه حكما وإلها ليحدد أنها ماتت كافرة وأنها ملحدة ، دون مراعاة لحرمة الميت الذى لا يستطيع الدفاع عن نفسه أو مشاعر أهلها ووالديها الذين تحفر هذه الاتهامات فى جرحهم بسكين .
هكذا عانى أحمد حلمى محبوب الملايين وزوجته من الأحكام القاسية والاتهامات التى لم تنظر إلى الفنان الذى أسعد الناس وأحبوه سوى من زاوية واحدة قاسية، وهكذا أصدر بعضنا أحكاما أكثر قسوة على زينب الشابة الثائرة المحبطة المنتحرة حتى دون أن يعرفها .
هكذا أصبحنا قساة ننظر إلى الأمور من ثقب ضيق ونظلم حتى من نحب ومن يشاركنا الأحزان والأحلام والإحباطات ، هكذا تحولنا إلى جلادين ومجلودين نتلذذ بالتشفى فى المظلومين والمجروحين .
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة