جثمان الروائى محمد ناجى يعود للقاهرة غدا.. صاحب "الأفندى" يستريح بعد سنوات من المرض.. "خافية قمر" شاهدة على لغته الدافئة والمرة.. ومثقفون: رحل وفى نفسه مرارة

الجمعة، 21 نوفمبر 2014 05:38 م
جثمان الروائى محمد ناجى يعود للقاهرة غدا.. صاحب "الأفندى" يستريح بعد سنوات من المرض.. "خافية قمر" شاهدة على لغته الدافئة والمرة.. ومثقفون: رحل وفى نفسه مرارة الروائى الراحل محمد ناجى
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يشيع غدًا السبت 22 نوفمبر فى الساعة الثانية عشر ظهرًا جثمان الكاتب محمد ناجى حيث تقام صلاة الجنازة على روحه بمسجد مطار القاهرة، ويصل الجثمان مساء اليوم الجمعة 21 نوفمبر من باريس ويحفظ بثلاجة المطار.
وعقب الصلاة يتم دفن الجثمان بمقابر الأسرة فى طريق مصر الفيوم، كما يقام مساء الغد عزاء خاص بالكاتب بمسجد عمر مكرم عقب صلاة العشاء.
كان الكاتب محمد ناجى توفى أمس فى باريس، عن عمر يناهز 68 عاما، بعد صراع طويل مع سرطان الكبد، وحيث كان يتعافى من آثار جراحة زرع كبد فى الأسبوع الماضى ويذكر أن الكاتب الكبير كان يخضع منذ أربعة سنوات لجلسات علاجية متتالية فى باريس وكان أصدقاؤه على أمل دائم فى شفائه، ويذكر أن الروائى الراحل محمد ناجى، قد ولد فى مدينة سمنود عام 1947 وتخرج فى كلية الآداب قسم الصحافة، والتحق بالخدمة العسكرية من 1969 إلى 1974، وخاض حرب الاستنزاف ونصر أكتوبر، وله العديد من الأعمال الإبداعية منها "خافية قمر" و"لحن الصباح" و"مقامات عربية" و"العايقة بنت الزين" و"رجل أبله.. وامرأة تافهة" و"الأفندى" و"ليلة سفر" و"قيس ونيللى"، وله قيد الطبع روايات "سيدة الماسنجر" و"سيد الوداع" و"البوليتيكى" و"ذاكرة النسيان"، وقد عمل الراحل الكبير لسنوات فى مجال الصحافة والإعلام، فكان مشرفاً على النشرة الثقافية فى وكالة "رويترز" ووكالة أنباء وتلفزيون الإمارات، كما أنه أسس جريدة الأيام البحرينية، وكان مدير تحرير جريدة "العالم اليوم" الاقتصادية.
وحصل ناجى على "جائزة التميز" من اتحاد كتاب مصر عام 2009 كما نال "جائزة التفوق” فى مصر عام 2013 عن مجمل أعماله الروائية.
فى قراءة لمحمود عبد الشكور عنوانها "أربعة مفاتيح لدخول مدينة الروائى "محمد ناجى" والتى نشرها فى أحد المواقع الثقافية، يؤكد "عبد الشكور" أن مفاتيح عالم "ناجى" ومدينته الروائية بدت واضحة المعالم منذ روايته الأولى "خافية قمر " ، ثم تبلورت الصورة وأبعادها مع رواياته التالية: "لحن الصباح" و "مقامات عربية " و "العايقة بنت الزين " و "رجل أبله .. امرأة تافهة " و " الأفندى " و " ليلة سفر " ، لا بل إن الأسئلة التى طرحتها هذه الروايات ستجدها أيضا فى المونولوج النثرى البديع "تسابيح النسيان ".
هى جدارية ضخمة ملونة تتزاحم فيها الوجوه ، وتُسمع فيها الأصوات والآلات، تتحدث عن الحاضر ولكن من باب واسع اسمه الذاكرة ، ترسم البشر من الداخل والخارج ، بالقلب والعقل، وحول المشهد بقايا أساطير وحكايات نلتمس منها الفهم والتفسير، الجدارية عن الوطن مثلما هى عن الإنسان الباحث عن معنى وطريق ، الإنسان الذى يسأل سؤال "عبد الحارس " المؤلم فى "خافية قمر ": " يا حفيد الزباء خبرنى كيف تفرّق الصحاب وقضيتهم واحدة وكيف نسى الناس ملكهم البكّاء حتى ضاع وريثه فى البرية "؟ ! ، لأجل ذلك تبدو الجدارية ملّونة بالأخضر ( لون الحياة والحلم ) والوردى ( لون النشوة والحب ) والرمادى ( لون الموت والحرب ) ، وتظهر شخوصها معلّقة بين السماء والأرض مثل كائنات "مارك شاجال "، ويستدعى المشهد كله علامة استفهام ضخمة كتلك التى ارتسمت بيت الرجل والمرأة فى "رجل أبله .. امرأة تافهة " ، وكأنها ترتسم بين الإنسان والحياة.
ترى ما المطلوب أن ترسم أكثر من جدارية بعمق واتساع تجربة الشخوص والوطن والبشر حتى يدركها الآخرون ؟ ثم يؤكد "محمود" أن مدينة ناجى الروائية لها 4 مفاتيح أولها وأهمها جميعاً هو "الذاكرة"، فـ"محمد ناجى " هو أديب البحث عن الذاكرة بامتياز ، والمفتاح الثانى فى عالم " ناجى" هو الأسماء سواء أسماء الشخوص أو الروايات نفسها، والمفتاح الثالث لعالم "ناجى" هو أن تستقبل الرواية كسؤال لا كإجابة فكل رواية تنتهى بدائرة مفتوحة وكأنها تمهيد لرواية جديدة، أما المفتاح الرابع فى عالم ناجى فهو "المرأة ".
فمن المستحيل أن تصل إلى أبعاد كل رواية دون تحليل شخصياتها النسائية. بينما كتبت إيهاب الملاح تحت عنوان " محمد ناجى .. روائى القلق والصنعة" تكتظ عوالم محمد ناجى بأنماط من البشر ونماذج إنسانية تضم بشرا عاديين ومهمشين وفقراء ومنسحقين وقتلة وفاسدين ومغنين ورواة وحكائين.. عالم زاخر يموج بالأساطير المؤسسة لواقع مؤلم وحزين.
عالم يرصد دراما التحولات العاصفة التى ضربت مصر فى الربع الأخير من القرن المنصرم. وبديهى أن يكون محمد ناجى ابن فترة «القلق العظيم» شاهدا ومؤرخا ومسجلا جماليا لهذه التحولات التى تفتحت عيناه عليها منذ رفع شعارات الموت فى 1952، والتى شارك فى تمثيلها وإنشادها على خشبة مسرح المدرسة، ثم مشاركته بقوة وفاعلية فى الحركة الطلابية فى الجامعة، مرورا بفترة تجنيده ومشاركته فى حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة، ثم الانفتاح وعواصفه حيث سافر مع من سافروا لشراء شقة لأسرته وللتطلع لحياة كريمة، وشاهد التصورات الفردية والأنانية، وانسحاق القيم الجماعية أمام البنكنوت.. إذا لم يكتب محمد ناجى عن كل ذلك.. فعن ماذا يكتب؟ وكتب أحمد الخميسى قائلا" ستستوقفك لغة محمد ناجى الخاصة التى امتازت بها رواياته اللغة الدافئة والمريرة، فصحى تتنفس بروح اللغة الشعبية بأوسع معانى اللغة الشعبية أى بكل ما تنطوى عليه فى صياغاتها من اعتقادات وحكمة وخيال.

إلا أن وفاة الكاتب محمد ناجى، جاءت صدمة لصديقه القاص الكبير أحمد الخميسى، الذى قال، إن الروائى محمد ناجى رحل وفى نفسه مرارة شديدة، وذلك من حجم التجاهل الذى تعرض له من قبل أجهزة الدولة سواء الثقافية وغير الثقافية.
وأضاف "الخميسى"، أن محمد ناجى كان صحفيًا فى جريدة العالم اليوم، لكنه لم يكتب يومًا فى الصحافة، ولم ينافق شخصية رسمية، أو يمدح اتجاها سياسيا، وعاش حياته شريفًا، بل على العكس فهو فضل الابتعاد عن الكتابة الصحفية، وفضل الابتعاد عن مؤسسات الدولة ومجالسها الثقافية.
وأوضح "الخميسى"، أن "ناجى" كان بعيدا عن الضوء، وظلت الدولة تنحيه، وتحاول تطفئ أنواره قدر ما استطاعت، حيث أن مواقفه الثابتة، جعلت الدولة تلجأ إلى السلاح الأخير تجاهه، وهو التجاهل، وبرغم مما قدمه ناجى من روايات تركت بصمة خاصة جدًا فى تاريخ الرواية، إلا أنه تم تجاهله ببساطة، فى الوقت الذى تم تلميع فى كُتاب آخرون.
وقال "الخميسى"، أعتقد أن محمد ناجى رحل وفى نفسه مرارة من أثر تجاهله، كما أن موته يجدد الألم على أوضاعنا الثقافية، بتجدد الشعور بأن النظام الاجتماعى والسياسى والدولة تتجاهل الكاتب الحقيقى إلى درجة مؤلمة، ولا ننسى أن الشاعر حافظ إبراهيم كتب قائلاً "ما أنتِ يا مصر بلد الأديب".
وقال الروائى الكبير إبراهيم عبد المجيد، ناعيا الروائى محمد ناجى، لا أملك إلا الرثاء لنفسى، ولأصدقاء محمد ناجى، ولقرائه وللأدب العربى.
وأضاف "عبد المجيد"، يا أرحم الراحمين.. شريط العمر والذكريات الحلوة يجرى أمامى ياناجى، بسمتك يا ناجى لا نفارق عينى وضحكتك الهادئة، وأيام الأمل حين كنا شبابًا نحلم بالوطن..فرقنا الوطن، وعدنا متتاليين نستأنس بما نكتبه ونتغلب على الألم، لكنها كانت أقوى منا.
وتابع "عبد المجيد"، يرحمك الله، من سيرحم الله إلا أبنائه المخلصين لأوطانهم، لكن فراقك صعب يا صديقى..صعب..اللهم صبرنا.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة