متفائلاً عاد من أرضه للحاق باللقاء المهم المرتقب، لما لا وقد حانت لحظة تبدو مناسبة لحل العديد من مشكلاته، فإنه بعد ساعات سيكون وجهًا لوجه مع المحافظ فى لقاء جماهيرى منتظر، يعرف الجميع أن المسئول يكون فى هذه الأوقات أكثر تفهمًا وليونة، ولا يخرج منها دون حل مشكلات فردية للعديد من المواطنين الذين أسعدهم الحظ وتمكنوا من إقناع القائمين على تنظيم لقاء المحافظ بالحضور.
يبدأ فلاح الإسماعيلية المطحون فى ترتيب أولويات مشاكله المرشحة للعرض على السيد المحافظ، فيحدث نفسه: "هل ابدأ بمشاكل الرى، أم السماد الكيماوى، أم المحاصيل التى لا تشتريها الدولة.. لا ربما احصل على قرار علاج على نفقة الدولة فقد بدأت الأمراض تهاجمنى بقوة.. لا لا يقولون إن هناك وظائف للشباب، إنها الفرصة المناسبة لمحاولة توظيف الولد سوف أعرض الأمر على المحافظ ولن يخذلنى إن شاء الله، فمنذ فترة حضرت لقاءً جماهيريًا لأحد المحافظين السابقين، وكان بشوشًا يسمع من الجميع ويعدهم بحل مشاكلهم، حسم الأمر سوف أقوم بتصوير كل المستندات الخاصة بالمشاكل التى أعانيها وأسرتى، وفى اللقاء سوف أقرر تحديد الأوراق التى أقدمها للمحافظ".
هناك وفى ديوان عام المحافظة تبدو الأمور أكثر حسمًا وتنظيمًا، كثيرون يعملون، المكتب الإعلامى يجرى اتصالاته بالصحفيين والإعلاميين لحضور لقاء المحافظ الجماهيرى بالأهالى، رجال المرور والمباحث ومجلس المدينة وصلتهم الإشارة لتأمين وتحضير طريق المحافظ حتى القرية المستهدفة للزيارة، تكليفات هنا وتكلفة هناك، فى الدول الأوروبية والمتقدمة يلتحم المسئولون مباشرة مع الجماهير فيكونون أكثر قدرة على حل المشكلات، والاستحواذ على ثقة المواطنين، لذا فإن هذه الزيارة مهمة وبها من "الشو" ما يجعلنا ننفق عليها ونجهز لها، الجميع فى انتظار بطل الحفل ليساهم فى تخفيف الإحتقان التى تسببه المشكلات المتعاقبة فى المحافظة، ومن ناحية أخرى يؤكد تلاحم النظام السياسى الحالى مع المواطن وقربه من همومه، الآن كثيرون هم من ينتظرون أداء البطل اليوم، الدولة تكلفت أموال الزيارة ولم تقصر فى تسخير إمكانياتها للحدث، والمواطنون ينتظرون لقاءً لا يتكرر كثيرًا، فماذا فعل البطل؟
بوجوه يملؤها الأمل المؤقت، دخلت الحناجر الخدمة بوصول البطل، وصفقت له الأيدى، والجميع يرتبون أوراقهم لاختيار المشكلة الجديرة بالعرض على البطل، وآخرون يرتبون كلمتهم الشفهية لعرض مشكلتهم، فى المواجهة يجلس البطل مشمئزًا عبوثًا يرى أمامه -من وجهة نظره المفتقرة لكل منطق- مجموعة من الكسالى الأغبياء الجهلة سيضيعون وقته الثمين، وربما يكلفونه تناول دواء الصداع عقب اللقاء.. يا لها من مأساة تحيط بالبطل!
بسرعة عجيبة يترجم البطل المغوار شعوره الدفين نحو المواطنين بكثير من الجمل التى لا يمكن أن ينطق بها إلا "ولى نعمة" رزق بمجموعة من الشغالين عديمى الضمير والمسئولية، فى اللحظة نفسها تتبدد أحلام معظم الحضور فى حل مشكلتهم، الجميع بلا استثناء فقدوا القدرة على استيعاب الموقف، ومعه فقدوا الكلمات التى ظلوا يحفظونها ليعرضوا بها مشكلتهم على البطل، ماذا يحدث هناك، البطل غاضب يا لحظنا العثر.
بصورة تفوق قدرة البشر على قبول الخطايا والفضائح، تتحرك يد البطل وأصابعه بطريقة سوقية تفقد كل معانى المسئولية والأخلاق والأدب أيضًا.. يا الله! ماذا يفعل الرجل، ما الذى يحدث؟ من المفترض أنه لقاء جماهيري يكون المسئول فيه فى أبهى صوره، فأين البهاء فى كل هذا الغباء..؟! اعتقد أنكم لن ترونه لأنكم ما زلتم "تزربون العيال".
فى هذه الفضيحة لا يمكن أن يتهمنا أحد بالتصيد والترصد وباقى الكلمات المعلبة التى لا يذكرها إلا مسئولو "فقر الفكر وفكر الفقر"، كمحافظ الإسماعيلية لأسباب عدة أهمها، أننا انتظرنا كثيرًا حتى نرى أى رد فعل من الحكومة تجاه "محافظ الصباع" ولم يحدث، بل أن هناك حديثًا تردد عن رفض إبراهيم محلب رئيس الوزراء فكرة استقالة محافظ حضر لقاءً جماهيريًا مع أبناء الإقليم فأشار لهم بـ"الوسطى"، كما لو أن رئيس الحكومة ينتظر المرة القادمة حتى يكرر المحافظ فعلته، فيكون رد فعل الرعايا أكثر قابلية وسعة صدر ويُسمعونه "هيت لك"، سيادة اللواء أننا فى خدمتك لكننا لا نريد أن "نزرب عيال" حتى لا نفسد عليك أوقاتك.
عدد الردود 0
بواسطة:
متربى
إبن ناس
عدد الردود 0
بواسطة:
ســعيد مـتولـى
المحافظ أخطأ فى التعـبير ، ، ولكـن
عدد الردود 0
بواسطة:
rana sayed
محافظ عصبي
عدد الردود 0
بواسطة:
زكي حمادة
الاقالة او القضاء