لا أظن أن هناك مطربة عربية تمكنت من الاستحواذ على مشاعر الناس - بعد أم كلثوم - مثل فيروز، فهذه السيدة الفريدة فى حياتنا تمكنت بصوتها المخملى أن تصالح العرب على الزمن، وأن تصالحهم على أنفسهم، وأن تجعل حياتنا أكثر احتمالا، وأن تزرع فى أوردتنا أزهار الفرحة والحبور.
حين تنصت إلى صوت فيروز تعتريك نشوة من نوع نادر.. نشوة لها علاقة بالسماء والسحب.. نشوة وثيقة الصلة بالطيور والبلابل، نشوة معجونة بالأزهار والشجر.. لكنك لا تستطيع أن تمسك أصل هذه النشوة تمامًا، فتظل سابحًا فى بحارها إلى أن تنتهى الأغنية، فتشعر باليتم، وتعاود البحث عن النشوة، فلما تعثر عليها، تشد عليها بنواجذ قلبك، ليتسلل إلى شرايينك صوت صديقة «شادى» مفعمًا بالحلاوة والعذوبة، فتطرب وتهنأ وتغفر خطايا أصدقائك، وسخافات رؤسائك، وتغض الطرف عن منغصات الحياة اليومية!
لا يمكن فهم الظاهرة المذهلة لفيروز دون النظر بجدية إلى ما أبدعه رفيقا رحلتها الفنية الفذة، وأقصد الشقيقين عاصى ومنصور الرحبانى، فهما يمثلان المنبع الشعرى/ الموسيقى الذى نهلت منه الرقيقة الدائمة مياه الغناء العذب. لقد استلهم الأخوان رحبانى موسيقاهما من أكثر من غدير فنى، لعل أهمها موسيقى التراث الكنسى الشرقى، والموسيقى الكلاسيكية الأوروبية، وإبداعات سيد درويش وعبد الوهاب.. لقد هضم الثلاثى العجيب كل هذا التراث الحافل، وخبزوه بغلال موهبتهم المتفجرة، ليقدموا لنا أشهى رغيف غنائى يشبع الروح ويملأ الوجدان.
أذكر جيدا كيف كنت أناقش موهبة فيروز والذين معها مع الناقد اللبنانى الكبير الأستاذ إلياس سحاب حين يزورنى فى مكتبى بدبى الثقافية، وكان الرجل يتحدث عنها بحب كبير، موضحا السر فى عشق الناس لها.
اليوم تدخل فيروز عامها الثمانين مدججة بعشق الملايين لها، فهى من مواليد 21 فبراير من سنة 1935، رعى الله أيامها ولياليها، وأذكر أننى شاهدتها مع أصدقائى على المسرح فى الهرم عام 1987، فانبهرنا وفتنا، وقد كتبت فى يومياتى ليلتها (بعد 20 عامًا من الآن.. سأباهى بأننى رأيت فيروز على المسرح فى القرن الماضى). وهو ما يحدث فعلا.
كل عام وأنت طيبة يا رائعة.
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
فعلا صوت فيروز له مذاق خاص يسحرك ولكن يصعب الامساك به فهو يسبح فى الفضاء الرحب
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
لا امل سماع صديقة شادى فكل عناصر الجمال والروعه توفرت فى هذه الاغنيه رغم حزنها
بدون