الجريمة البشعة التى ارتكبها أحد الفلاحين الشباب فى «أبوالنمرس» تكشف بؤس الثقافة الشائعة لدى الملايين من المصريين، فالشاب - 32 سنة - أقدم على ذبح شقيقته حين علم أنها حامل بدون زواج!
تثير هذه المأساة أكثر من قضية، وتفضح فى الوقت نفسه الحال البائسة لمفهوم الشرف لدى قطاعات كبيرة من شعبنا، فالرجل الذى لا يتورع عن قتل زوجته أو أخته أو ابنته لأنها ارتكبت الزنا يظن نفسه قد «غسل عاره»، وأنه بات من حقه أن يسير مرفوع الرأس بين أهله وجيرانه، وكأنه صار حرًا كريمًا يتمتع بالحياة، وهذا غير صحيح، لأن هذا الرجل لا يجد أية غضاضة فى الانصياع أمام البطش والفقر والمذلة الاجتماعية، وكأن انسحاق المرء تحت عجلات السلطات القاهرة لا يمس شرفه بشىء!
إن اختزال مفهوم الشرف فى الحفاظ على العفة لدى المرأة فقط يعد اختزالا مهينا، فالعمل شرف، وإعمال العقل شرف، ومقاومة الظلم شرف، والانتصار للحق شرف، والدفاع عن الحرية شرف، فكيف يقبل الرجل أن يهان ويضام من قبل أى ظالم ويقنع بالسكوت؟
المحزن أن إصرار الرجل على قتل المرأة «الخاطئة» فى عام 2014 يوضح لنا أن مئات الأفلام والأعمال الدرامية التى تعالج هذه القضية لم تؤت أكلها بكل أسف، فكل هذه الأعمال الفنية كانت ترفض بقوة قتل المرأة، بحجة أنها أهدت جسدها لرجل بدون زواج رسمى، وكانت تصر على إدانة أى رجل يقترف هذه الجريمة البشعة مهما حدث، فحق الحياة مكفول للمرأة، وليس من سلطة أى إنسان أن يسلبه منها حتى لو كان أبوها أو زوجها أو أخوها.
كما حاولت هذه الأفلام والمسلسلات أن تؤكد على الفضيلة الكبرى (إذا بليتم فاستتروا)، فالرجل الذى يكتشف أن أخته أو ابنته أو حتى زوجته قد مارست الجنس بشكل غير شرعى، عليه أن يستعصم بالعقل ويدارى «الفضيحة» لا أن يشهر بها، ويجد الوسيلة التى تخفف وطأة هذه الكارثة، لا أن يقتل المرأة على الفور!
أجل.. نحن بحاجة ماسة لإعادة النظر فى مفهوم «الشرف» وكيفية حماية المرأة من جهل الرجل وبطشه!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة