هل تشعرين بأن مجتمعك يحصرك داخل أبواب الدرجة الثانية المغلقة؟ أم بدأت تتحسسين خطواتك الأولى نحو المساواة بالرجل؟ جرائم العنف ضد الأطفال والفتيات والسيدات بشكل عام تجعلك تنقمين ولادة البنات؟ أم أن القوانين الرادعة المضادة للممارسة العنف ضد المرأة تطمئنك وتشعرك بمستقبل أفضل للمرأة المصرية؟
تشعر برجولتك عندما تهين فتاة وتعتقد أنها كائن أضعف منك لا يقوى الرد عليك بنفس الأسلوب؟ أم ترى فى المساواة واحترام السيدات احترام لذاتك ولرجولتك؟ هل تشعر بأهمية دور المرأة سواء العاملة أو ربة المنزل فى مجتمعك؟ أم تراها مجرد ماكينة لإنتاج أجيال جديدة تكمل مسيرة مجتمع ذكورى حتى النخاع؟ كيف تربى بناتك على السير جانب الحيط وقلة الحيلة؟ أم على قوة الرأى وصلابة الموقف وأخذ الحق أينما كان؟
دينا أبو المجد طالبة بالمرحلة الإعدادية
أسئلة حاولت "اليوم السابع" طرحها على الشارع المصرى بشكل عام وعلى المرأة المصرية بمختلف شرائحها العمرية على وجه الخصوص، من خلال استطلاع رأى بمناسبة اليوم العالمى للعنف ضد المرأة، لتأتى الإجابات لترسم حالة من التخبط والارتباك، التى يعيشها مجتمعنا الآن، والتأرجح بين فكرة احترام المرأة والنهوض بمكانتها المجتمعية فى ظل قوانين رادعة تحفظ حقوقها الإنسانية والعملية.
وبين الأمل والإحباط جاء رد كل من "دنيا أبو المجد، سلمى حسن" الطالبات بالمرحلة الثانوية واللاتى قررن أن ينتظرا حتى يريا ما سيكتب لهما ولبنات جنسهن فى مستقبل قد يكون مبهم وغير واضح المعالم من وجهة نظرهما كما توضح "دينا ":
إحنا مبقناش عارفين هى الست المصرية فعلا بدأت تأخد حقها علشان بقت بتشتغل ولها فرص عمل زيها زى الراجل ومن حقها تخرج وتقول رأيها وتنزل وقفات احتجاجية زى ما الإعلام بيقول؟ ولا لسه بنتعامل على إننا مش بنى آدمين وبنتهان وبنتعاكس ويتحرش بنا فى الشارع زى ما الجرايم اللى بنسمع عنها كل يوم ما بتحكى.
لتجذب "سلمى" أطراف الحديث موجهة رسالة للإعلام المصرى كاللسان الناطق باسم مجتمعنا متسائلة: "لما تبقوا تعرفوا أنتو إيه هو وضع الست المصرية وتقدروا تفرقوا بين حقها الطبيعى فى الشغل وحقها اللى ربنا وصى الرجال به، وهو ساعتها بس هنعرف نجاوب بثقة على الأسئلة وإحنا عارفين إحنا لسه درجة ثانية ولا فى طريقنا للدرجة الأولى.
سلمى حسن تجيب فى حالة من الارتباك
وفى نفس السياق جاء رد "شيماء على"، "إيمان محمد"، "منال سعيد" المدرسات بإحدى المدارس الثانوية منطقة قصر العينى: "مجتمعنا للأسف مر بظروف صعبة فى الفترة اللى فاتت سواء على المستوى الاقتصادى أو السياسى، الأمرين اللى أتاحوا الفرصة لبعض العقليات الذكورية فى التسلط وممارسة عنف غير معهود فى مجتمعاتنا ضد المرأة.
فالفوضى نتيجة للغياب الأمنى أدت لجرائم تحرش عنيفة جديدة على مجتمعاتنا، وأعطت الفرصة لأب أنه يمارس العنف مع بنته ويعذبها علشان صباع كفتة، ودفعت رجل لضرب زوجته بحجة التهذيب، وظهور الشباب المتحرش علنا فى الشوارع، لكن الأمل فى أن تتغير الظروف وتتغير معها نظرة المجتمع للمرأة وده عمره ما هيحصل إلا بالتعليم.
بينما يأتى تعليق "جيهان السيد" متعلمة وربة المنزل معاكسا تماما لهذه الآراء، التى تجدها من وجهة نظرها مجرد آراء محبطة تعيق المرأة عن ممارسة حياتها بشكل أكثر تفاؤلا بالمستقبل":
ليه نفضل نقول الست درجة ثانية ومنعترفش بالحقوق والميزات اللى بتتحقق لنا يوم بعد يوم، صحيح فى معاكسات وتحرش لكن دى ظواهر سلبية طول عمرها موجودة فى كل المجتمعات مش فى مجتمعاتنا الشرقية بس.
شيماء على إيمان محمد ومنال سعيد يعبرن عن استيائهن من وضع المرأة فى المجتمع المصري
مضيفة: "خلينا نبص لنص الكباية المليان، ونقارن بين زمان ودلوقت موجودة قوانين صارمة للتحرش حتى لو كان تحرشا لفظيا، كل يوم بتزيد فرص العمل للمرأة وبتتقلد مناصب كبيرة وصلت حتى للقاضى، حتى اللبس والمواعيد للنزول من البيت معتقدش أنها بقت بنفس الحدة زى زمان وبقى فى مرونة أكتر فى البيوت المصرية ولسه مع تقدم الوقت والوعى هنقدر نحقق المساواة اللى بنطالب بها لكن للأسف كتير مننا ميعرفش حتى معناها.
وبنفس الحس التفاؤلى بالمستقبل المنتظر للفتاة المصرية جاءت كلمات "هدى علي"، "ياسمينة عرفة" الطالبتين بطب أسنان: "صحيح لسه المشوار طويل علشان نقدر نحقق المساواة بالرجل، لكننا لازم نعترف إننا قطعنا خطوات معقولة، ولازم نعترف كمان إن الجرائم والعنف اللى بنسمع عنه هو مجرد خسائر طبيعية لأى مشوار ناجح.
بينما يظل صوت الخوف من مستقبل أكثر عنفا للنساء والخوف حتى من ميلاد فتيات أخريات يأتين للحياة ليستكملن نفس مسيرة أمهاتهن
يراود "هدى محمد" الفتاة التى ترتدى خمارا يحجب وجهها عن الناس ولكن لم يستطع حجب أو تقيد حريتها التى طالما طالبت بها كحق كفله لها القرآن الكريم والسنة النبوية على حسب ذكرها: "أمرنا ربنا من خلال القرآن والسنة النبوية وكافة الأديان باحترام المرأة، سواء كانت أختا وزوجة أو ابنة، لكن اللى بيحصل دلوقت من إهانة وتعنيف للمرأة هو مجرد بعد عن الدين والتلويح بآياته وتفسيرها فى غير وضعها الصحيح.
مضيفة: "وللأسف كل الجرائم والمعاملات الدونية اللى بيوجهها الرجل للمرأة بيأخذ الدين حجة لتبريرها وعلى الأساس ده بتحكم المجتمعات الغربية على الإسلام بأنه رجعى وظالم ومقدرش حتى يوفر الأمان للست، واعتقد لو قدرنا نحل أزمة الناس مع الدين سنكون قطعنا مشوارا كبيرا فى مشكلة وضع المرأة الدونى فى مجتمعاتنا الشرقية.
جيهان السيد الأكثر تفاؤلا
وعلى الجانب الآخر تأتى ردود الرجال لتبرز الانقسام والانفصام داخل مجتمعاتنا بين التأييد للمساواة والاستنكار بها، فمنهم من يعترف بحقوق المرأة لكنه لا يستطيع أن يعطيها حقها بالشكل الكامل، ومنهم من ينقم المعاكسات والمضايقات التى تزعجها بالشوارع على الرغم من أنه يمارسها، وفى المقابل هناك من يحاول دعم المرأة على اعتبارها نصف المجتمع وعلى اعتبارها أمه التى أنجبته وأخته التى طالما دعمته وبنته التى ستستكمل مشواره.
هدى على وياسمينة عرفة تأملان فى مستقبل أفضل
يقول "ناصر زغلول" الرجل الخمسينى: "لو كل واحد فينا فكر بالشكل ده هيعرف يحترم الست لأنه هيبقى بيحترم نفسه قبل أى شىء، ولو كل أب ربى بنته على حرية الرأى والتعبير والمطالبة بالحقوق، وربى ابنه على احترام أخته واحترام بنات الناس نضمن إن مجتمعنا هيتغير 180 درجة، ومش هيبقى فى حاجة اسمها عنف ضد المرأة.
هدى محمد فتاة متحررة الفكر
بينما جاءت ردود "حسن محمد"، كريم على" الطفلان اللذان لم يتعديا الـ15 عاما عاكسا لثقافة جيل لا يعرف لاحترام المرأة سبيلا: "أحنا بنعاكس علشان نتسلى نهزر مع أصحابنا، لكننا بنحاول ما نضايقش البنات يعنى من غير ألفاظ مش كويسة أو مد إيد.
مستكملين: "لكن فى غيرنا من أصحابنا بيوصل معاه الموضوع أنه يزق البنات أو يشدهم من ملابسهم وكل ما البنت تضايق كل ما يضحكوا، ولو واحدة فكرت تزعق أو تشتم ممكن يضربوها بالطوب.
وعن عدم خوفهم من الغرامة قالوا "أصل الولاد ممكن يعاكسوا أو يمدوا أيديهم ويجروا، وأكيد البنت مش هتقدر تجرى وراهم ولو حصل مش هتعرف تمسكهم توديهم القسم.
ناصر زغلول يؤيد حرية المرأة
فى حين يقول محمد على: للأسف الرجالة فى مجتمعنا ربنا مبيهدهومش إلا لما يتجوزوا أنا واحد من الناس كنت بعاكس وبعمل كل حاجة لكن لما أتجوزت وخلفت بقت أخاف أضايق بنات الناس خوفا على أهل بيتى، وأعتقد أن المشكلة دى سببها قلة التوعية والثقيف الدينى والأخلاقى فى المدارس.
بينما أرجعت الدكتورة "شيماء عرفة" أخصائى الطب النفسى هذا الانقسام فى الآراء حول قضية العنف ضد المرأة والتناقض فى فكرة حقها فى المساواة وإرضاخها للدرجة الثانية دون أمل فى التغير للنشء والتربية الخاطئة.. وقالت: للأسف شاركت المرأة الرجل فى مجتمعاتنا للتأكيد على احتلالها للدرجة الثانية دون تغيير من خلال المشاركة والاقتناع، بل والاستسلام لفكرة المجتمع الذكورى من جانب.
كريم على طفل لا يتعد 15 عاما يعترف بمضايقة الفتيات
ومن جانب آخر تربيتها لأجيال نشأت على هذه التفرقة العنصرية، من خلال تفضيل الأب والأخ على اعتبار كل كائن ذكورى له الأولوية فى كل شىء وفى كل تفصيلة فى حياتنا.
مضيفة: "ومن هنا جاء التناقض المجتمعى الذى يحتاج لسنوات عدة للتخلص منه، لأنه أصبح كالمرض الذى تفشى فى كل أجزاء الجسم وأصبح علاجه يستدعى البتر لبعض النماذج والشرائح المجتمعية التى لا تؤمن بحق المرأة حتى فى الاحترام.
لكن حتى نكون منصفين الظروف الاقتصادية والسياسية فى الفترة الأخيرة هيئت المناخ لهذا العنف سواء على مستوى الجرائم التى هزت الرأى العام التى شهدها المجتمع مؤخرا، أو النظر إلى المرأة على أنها مجرد ماكينة للولادة وإنتاج أجيال جديدة وحسب.
حسن محمد يرى أن قانون التحرش يعجز أمام فهلوة المتحرشين
والقضاء على هذه الأزمة يحتاج لفترات بل وسنوات طويلة ويختزل فى مفتاح واحد وهو التعليم والبناء السليم وحملات التوعية فى القرى والأحياء الشعبية، فضلا عن القوانين الرادعة والجدية فى تنفيذها حتى تأخذ المرأة وضعها ومنزلتها الذى خصها الله بها.
محمد على يرى أن الزواج هو السبيل الوحيد لهداية الرجل
فى اليوم العالمى للعنف ضد المرأة.. فتيات: المجتمع يعانى جرائم تحرش جديدة عليه ونأمل فى مستقبل أفضل.. ومراهقون: "بنعاكس عشان نتسلى ومش بنضايق حد".. وأطباء نفسيون: العنف أفة مجتمعية يجب بترها بالتعليم
الثلاثاء، 25 نوفمبر 2014 08:49 م
المرأة فى المجتمع المصري
كتبت جهاد الدينارى - تصوير: ماهر إسكندر
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة