كان ياما كان، هناك حاجة اسمها «الرصيف» يمشى عليها المواطنون، وهو جزء من الشارع، يحق لكل الناس السير عليه، حتى لاينزلوا لنهر الشارع. ونتذكر «أنا واقف فى ملك الحكومة» يعنى ملك عام، لكن هذا «الشىء» اختفى طوال عقود، وخلال السنوات الأخيرة أصبح مجرد ذكريات.
أصبح الرصيف محتلا بالسيارات أو بضائع المحلات، ويتعامل معه البعض على أنه ملكية خاصة وليس شارعا يحق لخلق الله السير عليه، وإذا فكر مواطن فى السؤال عن هذا الحق فسوف يسمع مالا يرضيه، وربما يتعرض للقتل. وترى الناس يمشون على أطراف أصابعهم، مثل راقصى الباليه ليتحاشوا الاحتكاك ببضاعة «المحتلين». وهى فوضى تزداد يوميا، ولا يوجد من يتصدى لها، تماما مثلما يقتطع مواطنون أرصفة وشوارع ويغلقونها بالحديد ليحولوها إلى جراج خاص. فى الشارع وجهارا ولا أحد يسأل. ولا حكومة تحاسب أو تتساءل أو تندهش. ثم يأتى من يحدثك عن هيبة الدولة، وتطبيق القانون.
وطالما نتحدث عن تطبيق القانون، فنحن نعرف والحكومة تعرف، والأحياء والمحليات يعرفون أن الرصيف فى القاهرة أو المحافظات لم يعد موجودا. فكر فى التحرك هنا أو هناك فى الشوارع الرئيسية يحتل الأرصفة أصحاب السيارات ويركنون سياراتهم على الأرصفة فلا يوجد مكان للمشاة فيضطروا للنزول إلى نهر الشارع فتتضاعف الحوادث.
فى وسط المدن الأرصفة محتلة ببضائع المحلات، أو الباعة الجائلين ولا يوجد مكان للمشاة، وكثيرا ما يصاب كبار السن أو حتى الشباب بكسور بسبب محاولات لعب الإكروبات للمشى فوق الأرصفة.
أما فى الشوارع الجانبية والخلفية فكل محل يخرج على الرصيف بقدر ما يستطيع، ناهيك عن إغلاق البعض للأرصفة لمنع المرور. والرصيف فى مصر هو علامة الفوضى وتحرير الرصيف يعنى عودة الدولة.
وإذا كنا نتحدث عن تغيير، يفترض أن التغيير يأتى من الأشياء الصغيرة قبل الكبيرة، والرصيف علامة من علامات تحضر أى مجتمع أو عشوائيته، وللأسف فإن الأحياء والمدن والمحليات عندنا توقفت عن العمل وممارسة هذا الدور، وتحرير الرصيف من الاحتلال لا يحتاج لقرار جمهورى، ولا يتطلب جولة من رئيس الوزراء، ولا ينتظر مجلسا تشريعيا، ومع كل هذا يظل الرصيف محتلا، والشوارع محتلة، وهى أمور تعنى استمرار الفساد وغياب القانون.
ونتصور أن احترام القانون وشعور الناس بالتغيير سوف يأتى عندما يشعرون أن هناك صاحبا لهذا البلد يسأل عن حقوق الناس فى الشارع والرصيف. وغير ذلك لا جدوى للادعاء بأن الحكومة موجودة. مطالب بسيطة ومع هذا غير قابلة للتحقيق ومازال الناس يهتفون «الرصيف التام.. أو الفوضى الزؤام».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة