مصر تعيش خارج المنطق والعقل، وانتقلت من حالة دولة المؤسسات - رغم هشاشتها - قبل 25 يناير 2011، إلى حالة عشوائية، وفوضى عارمة، طالت كل شىء، حتى العقل، وهنا مكمن الخطر الحقيقى.
أى بلد، لا يحتكم مؤسساتها، ومواطنوها، إلى العقل والمنطق عند التعاطى مع كل القضايا فى مختلف مناحى الحياة، سيجنى ويلات الدمار الشامل الذى يفوق دمار القنابل الذرية، ويقبع فى ذيل قائمة دول التخلف والجهل، ولن تقوم له قائمة من جديد.
مصر شهدت تغييبا للعقل، سياسيا ودينيا، طوال 30 عاما الماضية، وتقزمت فى كل المجالات، سياسيا، واقتصاديا، وعلميا، وبحثيا، وأدبيا، وفنيا، وهو ما استغلته الجماعات الدينية المتطرفة، لتغرس أنيابها فى جدران عقول البسطاء من المقيمين فى النجوع والكفور والأحياء الشعبية، والمناطق العشوائية، وأجرت لهم، أبشع عملية غسل «للمخ»، وكانت النتيجة غياب تام للعقل، وتعظيم دور التبعية والانصياع.
بعد 25 يناير 2011، اتخذت العشوائية فى مصر أشكالا أخطر، وتحول الأمر من تغييب للعقول، إلى مرضها، نتيجة تسلل فيروسات اللوثة إليها، وتعظيم دور التفاهة، وفقه التسخيف والتسفيه من كل شىء، ونشر الشائعات، وتشويه الحقائق، وتدمير المنظومة الأخلاقية، وإعلاء شأن الشتائم البذيئة والحقيرة، والبحث عن الحقوق، وعدم الالتزام بالواجبات، وضرب دولة القانون، والقضاء على فضيلة العمل، والذود بقوة عن البطالة.
أيضا، انتشرت فتاوى التكفير السياسى، لتسير جنبا إلى جنب مع فتاوى التكفير الدينى، فإذا دافعت عن أفكارك المؤيدة لقرار أو نظام أو تيار، فأنت تحت مقصلة التكفير، وإذا دافعت عن أفكارك، المعارضة للنظام، أو تيار بعينه، فتلقى نفس المصير، فى عملية تصنيف مروعة.
ومن المعلوم بالضرورة أن تقدم الأمم يرتكز على 3 أشياء رئيسية، منظومة أخلاقية، وتقديس فريضة العمل بجهد وتفانٍ، وإعلاء شأن دولة القانون، وبإسقاط ذلك على الحالة المصرية الآن، يتكشف غياب هذه القواعد نهائيا، وأن الشعب المصرى وعددا كبيرا من مؤسساته، يعزفون خارج سرب المنطق والعقل، فى عشوائية قاتلة، وتبشر بكوارث خطيرة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة