شعب دولة «العفريت الدينى».. رفض عمل المرأة «مأذونًا» نتيجة انتشار الخطاب الأصولى.. ومتشددو الإسلام والمسيحية يتفقون على ازدراء النساء.. ونشر المفاهيم العلمية سبيلنا للخلاص

الأربعاء، 05 نوفمبر 2014 09:10 م
شعب دولة «العفريت الدينى».. رفض عمل المرأة «مأذونًا» نتيجة انتشار الخطاب الأصولى.. ومتشددو الإسلام والمسيحية يتفقون على ازدراء النساء.. ونشر المفاهيم العلمية سبيلنا للخلاص صورة أرشيفية
تحليل يكتبه: مدحت صفوت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء


لم تكن قضية حق المرأة فى العمل «مأذونة» المثارة فى الأيام القليلة الماضية، عقب تصريحات نقيب المأذونين إسلام عامر سوى دلالة ضمن إشارات عدة تؤكد جميعها توغل النظرة الدونية للمرأة، والتى يتبناها أغلب منشئى الخطابات الدينية، والرافضون لعمل النساء وتوليهن أى قيادة وظيفية أو مجتمعية.

ولا يمكن فصل مناقشة احتقار المرأة وامتهانها فى معزل عن قضايا تفحل الرؤى الأصولية فى الخطاب الدينى المعاصر "إسلامى ومسيحى"، والمفترض أن الدولة الرسمية تسعى إلى تجديده لما تسبب فى صناعة وانتشار حركات التطرف الدينى.

فى تصريحاته لـ«اليوم السابع»، لا نعلم من أين جاء «النقيب» بقوله «عقد الزواج من أقدس العقود عند الله»، فالمعروف تاريخيًا أن العقد لم يكن من شروط الزواج، وإنما هو أمر مستحدث لحفظ الحقوق، كما لا نعرف– وليسامحنا سيادته- الشروط والمعايير المحددة لدرجة القداسة، ولطالما العقد كان مقدسًا لماذا أباح الله فسخه؟!

المقولة الأبرز التى يعتمد عليها من يبطل عمل المرأة « موثقا للزواج»-«مأذونًا» هى المرور بأعراض الحيض والنفاس، وهى رؤية بدائية حيال الأعراض الجسدية للأنثى، إذ اعتبرت الخطابات الميثيولوجية أن الأعراض الخاصة بالجسد الأنثوى تصيب المرأة ببعض النقصان، وللأسف تبنت بعض الخطابات الدينية فى المسيحية والإسلام الرؤية ذاتها، فأصبحت النساء مصدر «الشرور» نتيجة كونها أنثى، فيما تم نعت المرأة بالنجاسة خلال فترات الحيض والنفاس!

والمتتبع لدراسة الخطاب الأصول، مسيحيا أو إسلاميا، يدرك مدى تشابه وتقاطع الرؤيتين للمرأة، وكأنهما نابعتان من المصدر ذاته، فهى –فى الخطابين- «ناقصة عقل ودين»، وهى التى خلقت من ضلع أعوج.. والمقولة الأخيرة ترددها الأصولية المسيحية، لأن الرجل ليس من المرأة، بل المرأة من الرجل، كما أن الرجل لم يخلق من أجل المرأة بل المرأة «خُلقت» من أجل الرجل، فالرجل هو رأس المرأة، كما أن المسيح أيضًا رأس الكنيسة.. ولا تغدو المرأة سوى مصدر «الفتنة» التى هى من الشيطان!!

ما يفزعنا أن الدولة التى ترفع شعارات «الحرب ضد الإرهاب» و«مكافحة التطرف» تترك الباب مفتوحًا لمنتجى ومروجى الأصولية، ولعل النقاشات الدائرة حول قضيتى عمل المرأة و«استشهاد غير المسلم دفاعًا عن الوطن»، التى شغلت حيزًا من دوائر النقاش فى الآونة الأخيرة، دليل واضح على فعالية الخطابات الأصولية والمتسببة فى التناقضَ الصارخَ، الذى نعيشه بين شكل للدولة المدنية وجوهر خالص للدولة الدينية، التى لا يتحرك الفردُ فيها دون استفتاء دينى، ويكمن "العفريتُ الدينى" فى كلّ مؤسساتها، حتّى التى نظن أنها أبعد عن ذلك العفريت.

ومن خلال استنطاق الخطابات الأصولية، يتبين أن بناء الوعى التقدمى فى المجتمع المصرى والعربى يحتاج إلى "انتلجنسيا" وطنية تقدمية، تعمل على تشخيص الواقع تشخيصًا صحيحًا، والتحديدَ الدقيق لأزمات المجتمع، ومن ثم طرح الحلول والعمل على تفعيلها فى مجتمع كان ذات يوم صاحب حضارة عريقة. ويتطلب من المثقفين، بجانب المؤسسات الأهلية والحكومية، التصدى بكل جرأة للسلفيين والأصوليين المتطرفين بسن القوانين وتفعيلها تارة، ونشر الفكر النهضوى تارات أخرى، مستهدفين من ذلك خلخلة الوعى الراهن وتمهيد الطريق لبناء وعى تقدمى مستنير، وتفكيك الخطابات الرجعية السائدة ونشر خطابات ترتكز على مفاهيم علمانية وعلمية.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة