سعيد الشحات

الموت على الطرق من إرهاب الإهمال

الخميس، 06 نوفمبر 2014 06:37 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى جرائم الإرهاب نعرف عدونا حتى لو لم نصل إليه مباشرة بعد تنفيذ جريمته، أما فى جرائم الطرق فتتفرق الأسباب، فى جرائم الإرهاب نعرف أن هناك تكفيريين غلاظ القلب يحلون دم من يخالفهم ويعارضهم، وفى جرائم الطرق تجتمع حزمة من الأسباب نعرفها، نشير إليها، نتحدث عنها، ويتبارى المسؤولون فى تشخيصها، ومع ذلك تتكرر كل يوم.

كنا أمس على موعد مع جريمة من جرائم الطرق وقعت فى محافظة البحيرة، أدت إلى مقتل 18 طالبا وتفحمت جثثهم، وإصابة 18 آخرين، والإحصاء حتى ظهر أمس، وذلك فى حادث اصطدام بين 4 سيارات «تريلا وجامبو وملاكى وأتوبيس مدارس تابع لمدرسة الأورمان الفندقية بالعجمى يستقله طلاب قرية «أنور المفتى» باتجاه الإسكندرية».

فى تفاصيل هذه الجريمة الحزينة، هناك أسرة رائد شرطة مات أفرادها بالإضافة إلى الطلاب الذين هم من قرية واحدة، والأهم أن الجريمة تكاد تكون صورة كربونية من جرائم سابقة تقع منذ سنوات، دون توقف، الجريمة ليست فى سائق مهمل وفقط، فهذا هو ظاهر الحقيقة، وإنما فى إهمال عام يدفع إلى الاستهتار بأرواح آخرين، ولا فرق فى ذلك بين سائق يقود سيارة أو أوتوبيسا بالأجرة، وصاحب سيارة ملاكى، يسير بسيارته بمزاجه على الطريق دون اعتبار للآخرين.

الجريمة تقع لأن هناك قانونا يتم تغييبه والدوس عليه بالأقدام ممن لا يحترمون آداب السير على الطريق بالسيارة، ولا يجدون من يحاسبهم، وهناك مئات الحكايات التى نقرأها يوميا فى الصحف ونسمعها عن اختراق القانون دون محاسبة، وأدت إلى شيوع الإهمال فى كل شىء، وصدق رئيس الوزراء إبراهيم محلب حين قال وهو فى ميدان حادث أمس: «نعانى من إرهاب الإهمال»، هو تعبير يلخص مأساة تعيشها مصر منذ سنوات طويلة، إهمال فى التعليم، إهمال فى الصحة، إهمال فى المحليات، إهمال فى الطرق، إهمال فى المواصلات، حتى أصبحنا هكذا، ندفع كل يوم ضحايا يذهبون فى موت مجانى.

يتحدث المسؤولون عن التشدد فى منح الرخص للسائقين، وإجراء فحوصات طبية عليهم لمعرفة ما إذا كانوا يتعاطون مخدرات أم لا؟، ويتحدثون عن رادارات على جانبى الطرق لضبط سرعة السيارات، ويتحدثون عن إجراءات أخرى، وكل هذا مطلوب ويجب التوسع فيه، لكن السؤال الحقيقى والغائب هو، لماذا مع كل هذه الإجراءات تتكرر الحوادث بل تزيد؟، فمن الطبيعى أنه كلما نتشدد فى تطبيق القانون وإجراءات حماية الناس تقل الجريمة، لكننا نرى فى مصر تزايد الحديث عن تطبيق قانون المرور ومع ذلك تتزايد جرائم الحوادث، وهذا يعنى ببساطة أن القانون بمفهومه الصحيح لا يتم تطبيقه، وأن هناك من يصر على كسره أو إعطائه إجازة، والأمر هنا لا يتعلق بالجهات التنفيذية فقط، وإنما بسلوك المواطنين أنفسهم، فمنذ أيام تعرضت سيارتى لاصطدام عنيف من الخلف فى منزل كوبرى الدقى من سيارة تحمل ترخيص «ق.ا.8492»، ومع ذلك فرد صاحب السيارة عضلاته مشيرا إلى أنه لا يهمه الشرطة، وفر هاربا، ورغم إبلاغى قسم شرطة الدقى، إلا أن هذا المفتون بعضلاته لم نعرفه بعد، ليست هذه شكوى فردية بل إنها نموذج مما يحدث كل يوم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة