إسراء عبد الفتاح

بلدنا محتاجة

الجمعة، 07 نوفمبر 2014 10:58 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
توقفت الأسبوع الماضى عند هذا «الهاشتاج» #بلدنا - محتاجة، الذى انتشر على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» بسرعة البرق، بعد أن قام أحد نشطاء هذا الموقع ويدعى «إسلام طارق» بتدشينه، والمعهود له بأنه لديه المهارة فى خلق هاشتاجات بناءة ونشرها باحتراف لتسجل أعلى الهاشتاجات استخداما، وتحقق ما يسمى «Trending» على تويتر. وبما أنه لم يبق للشباب غير هذه النافذة الوحيدة ليعبروا بها عن آرائهم، بعد قانون تظاهر باطل دستوريا، واحتكار نظام مبارك شبه الكامل للإعلام التقليدى، فلابد أن نتابع بجدية هذه النافذة المتبقية للتنفيث من قبل الشباب. فقد سجل هذا الهاشتاج انتشارا واسعا بعد تدشينه بساعات قليلة جدا. مما يعكس الطاقة الإيجابية البناءة عند الكثير من الشباب، ومتوسطى العمر، الذين يرون أن بلدهم بحاجة إلى أشياء عديدة، لكى يتقدم بلدنا، ويسير نحو الأمام. وفى نفس الوقت يعكس حالة إحباط ويأس عند البعض، عندما يغردون «أن بلدنا محتاجة بلد»، أو «بلدنا محتاجة معجزة»، أو «هى فيها إيه الأول علشان نقدر نقول هى محتاجة إيه!!؟؟» هذا بالإضافة إلى الحالة الطبيعية والملتصقة بالمصريين، وهى حالة السخرية عندما تجدهم يغردون، أن بلادهم محتاجة أساسيات الحياة كـ«بلدنا محتاجة مياه أو كهرباء أو نظافة أو تعليم ابتدائى».

والمشترك الأعظم فى التدوينات التى نشرت تحت هذا العنوان، والتى أتفق تماما مع كل ما كتب فيها، وأرى أنها الحاجة العظمى الآن لمصر الشعب، هو أن «بلادنا محتاجة حب وأخلاق» واختلفت الكلمات بين المستخدمين، وظل المعنى واحدا «بلادنا محتاجة الناس تحب وتحترم بعض»، «بلادنا محتاجة ننقى قلوبنا من الكراهية والحقد والاحتقار»، «بلدنا محتاجة إعادة تشكيل سلوكيات شعبها»، «بلدنا محتاجة العمل والضمير معا»، «بلدنا محتاجة الشرف والنظام والقضاء على الفساد»، «العيب مش فى الأرض العيب فى اللى عليها»، «بلادنا محتاجة إخلاص وإنكار ذات».

وأعتقد أنه جاء فى المرتبة الثانية من احتياج مصر تحت هذا العنوان إلى «العقل والموضوعية»، وأعتقد أنه من الأفضل أن يأخذ المرتبة الأولى مكرر، فمصر تشهد مرحلة انتحار المنطق، وفقدان العقل، وغياب الموضوعية بشكل غير مسبوق. فلا أجد مسمى أو حتى مبرراً مثلا لتصريح وزير الداخلية، بأنه لو عقدت الانتخابات البرلمانية فإن الإخوان ستكتسح الانتخابات! مع صمت تام وعدم تعقيب أو رفض مثلا «لا سمح الله» من أى مسؤول أكبر منه، وكأنهم يقرون بهذا الكلام الخارج من إطار أى عقل ومنطق! فانتشرت تغريدات «بالفعل بلدنا محتاجة عقل ومنطق ووعى»، «مصر أصبحت بلا عقل»، واندرج تحت هذا الاحتياج نقد لاذع، ورفض لممارسات إعلامية فاسدة من تطبيل وافتقاد لقيم المهنية والموضوعية «بلدنا محتاجة إعلام حر مش إعلام تطبيل»، «إعلام مهنى محايد موضوعى»، «إعلام مش ساحة محاكمات»، «إعلام صادق مش منافق».
وشغل حيزا كبيرا من التدوين تحت هذا العنوان «أن مصر محتاجة عدل فالعدل أساس الملك»، «مصر محتاجة نطبق الدستور ولا يبقى حبرا على ورق»، «مصر محتاجة تكون دولة قانون، مش دولة قانون التظاهر»، «قانون يطبق على الجميع بلا استثناء وبدون محسوبية، ووقتها حالنا هيفرق كتير، وهيكون بداية الإصلاح»، وهناك تدوينة غردت أن «ما أروع أن تتعامل مع الناس تحت قانون مالا ترضاه على نفسك لا ترضاه على غيرك والله الدنيا هتبقى زى الفل».

إننى أرى فى هذه التغريدات التى تنشر تحت عناوين مختلفة أسبوعيا أو يوميا أحيانا على مواقع التواصل الاجتماعى هى بمثابة استطلاع للرأى، وقياس لنبض طبقة مهمة جدا من طبقات الشعب المصرى، طبقة متوسطة السن، متوسطة المستوى الاجتماعى واعية إلى حد كبير، طبقة لا نستطيع أن نغفلها، وخصوصا بعد أن شمعت بالشمع الأحمر كل المنافذ الأخرى للتعبير عن الرأى الآخر، وانتهاج وسيلة الاغتيال المعنوى الفورى لكل من له رأى مخالف بسلسلة جاهزة فى أسطوانة واحدة مشروخة تحمل كل اتهامات العمالة والخيانة للوطن.

أعتقد أن آليات العصر الحديث، ترغمنا على ألا نعتمد فقط على مراكز استطلاع الرأى التليفونية، والتى ينحصر عددها فى مصر فى اثنين فقط، واحد يخضع للدولة، وتحت سيطرة الحكومة والمتمثل فى جهاز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، والآخر يعد منظمة مستقلة أو شبه مستقلة «مركز بصيرة»، وهما يلعبان دورا مهما فى قياس واستطلاع نبض الشارع المصرى، ولكن من الممكن أن يكلل عملهما، ويكمل النتائج المرجوة منهما، وجود آليات جديدة لتحليل وقياس استطلاع الرأى من خلال الإعلام الحديث، ومواقع التواصل الاجتماعى، ونقلها بشكل صادق وعملى وعلمى إلى صناع القرار فى هذه البلاد، فمن الجائز أن يضعوها فى اعتبارهم، ويعملوا لها حسابا فى يوم من الأيام، لا نعلم متى سيكون، ولكن «لو بطلنا نحلم نموت»!!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة