زهرة الريحان عرفها البشر منذ أكثر من 7 آلاف عام، وهو نبات طيب الرائحة، يُستخدم كغذاء ودواء وعطر، ثم سار البشر يطلقونه كاسم للنساء، فهل من قبيل المصادفة أن تكون هناك فتاتان بنفس الاسم لا يعرفان بعضهما البعض، ولكن يكونان نجمتى الإعلام فى نفس التوقيت مع اختلاف الأسباب.. نعم وتلك هى القصة.
«أمى، سمح العالم بأن أعيش لمدة 19 عاماً، وكانت تلك الليلة المشؤومة هى الليلة التى يجب أن أُقتل فيها، كان سيتم إلقائى فى ركن من أركان المدينة وبعد بضعة أيام كانت الشرطة ستستدعيكِ لمكتب الطبيب الشرعى للتعرف على جثتى، وهناك كنت ستعلمين أنه تم اغتصابى والقاتل لم يكن ليتم العثور عليه لأننا لا نملك ثرواتهم وقوتهم.. أمى الطيبة، أكثر شىء عزيز علىّْ فى حياتى، أنا لا أريد أن أتعفن تحت التراب، لا أريد لعينى أو قلبى الشاب أن يتحولا لغبار، توسلى بحيث يتم ترتيب أخذ كل شىء فيما يمكن زرعه بعيداً عن جسدى ويُعطى لشخص يحتاجه ولا أريد أن يعرف المتلقى اسمى، فقط يشترى لى باقة ورد أو يقوم بالدعاء لى.. العالم لم يحبنا.. فى العالم الآخر إنه أنا وأنت من سيوجه الاتهامات وغيرنا هم المتهمون».
كانت تلك هى مقتطفات من خطاب وداع ريحانة الإيرانية لأمها قبل إعدامها بتهمة قتل أحد رجالات المخابرات الإيرانية منذ سبع سنوات حين كان عمرها تسعة عشر ربيعاً، فريحانة كانت فتاة نابهة فنانة، تعمل فى تصميم الديكورات الداخلية، ومنذ سبع سنوات طلبها رجل مهم فى المخابرات لعمل ديكورات لشقته، وبالفعل ذهبت له للاتفاق فإذ به يحاول اغتصابها، فتقاوم ولا تجد سبيلا للإفلات إلا قتله، تقبض عليها الشرطة ثم يتم الحكم عليها بالإعدام ويتم تنفيذ الحكم منذ أيام قليلة.
ريحانة الإيرانية فى رسالة وداعها لأمها قالت إنها ستحاكم قاتليها، نعم لأنها ما قتلت إلا دفاعاً عن نفسها وشرفها من رجل أراد استباحة ما حرمه الله، ريحانة الإيرانية ما هى إلا امرأة أخرى تدفع ثمن نزق الرجال ووحشيتهم وعدلهم الزائف، ويوما ما كما قالت ستقف بين يدى الديان ليسأل قاتليها بأى ذنب قُتلت ريحانة؟!
ريحانة الكردية حكاية زهرة أخرى.. فتاة فى الثامنة والعشرين من عمرها، صارت صورتها من أكثر الصور تداولاً على مواقع الإنترنت، وهى ترتدى بدلتها العسكرية مدججة بالسلاح وتشير بعلامة النصر، فوفق جريدة ديلى ميل الإنجليزية هذه الصورة فى كل مكان فى بلدة عين العرب أو كوبانى الكردية، حيث الحرب تدور رحاها بين داعش ومجرميها، وبين أهل البلدة الأكراد وقواتهم التى تمثل النساء نسبة %30 من بينهم، وريحانة واحدة منهن التى تتبع جبهة حماية الشعب والمرأة، تلك الريحانة الشابة المعطرة التى تدافع عن شعبها تسببت فى بث الرعب فى رجال داعش فيتردد أنها وحدها قتلت مئة منهم، ولذا فإن داعش التى تلعب بالكيبورد أكثر من الأسلحة، بثت فيديو تقول به إنها قطعت رأس ريحانة لعل هذا يعيد الثقة لمقاتليها. ولكن تبين أن هذا الفيديو مكذوب فقد أعلن أصدقاء ريحانة أنها حية ترزق وأنها هربت من رجال داعش الذين يتمنون موتها. هذه الحرب التى تُباع وتُشترى فيها النساء وتقطع رؤوسهن إذا لم يمتثلن لسوق النخاسة بدأها رجال ويزكى نارها رجال ويصنع أسلحتها رجال وتدفع النساء ومنهن كل ريحانة الثمن.
كل ريحانة إيرانية كانت، أو كردية، أو سمراء من قلب القارة الأفريقية، أو صاحبة عيون مسحوبة صغيرة آسيوية أو غيرها، كل ريحانة تدفع ثمنا لجريمة لم تقترفها بالتأكيد ستقف يوماً قريبا بين يدى رب العزة، تشير لقاتلها، أو ظالمها ليقتص لها من لا تنام له عين، ويوم القصاص قريب لو تعلمون.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة