لا نريد أن نسمع تبريرات وتفسيرات من أى مسؤول لحادث أتوبيس المدارس بالبحيرة أمس الأول بقصد تبرئة ساحته، ونفى المسؤولية عن وقوع الحادث وأسبابه. تصريحات وزير النقل وباقى المسؤولين تزيد الطين بلة، وتشعل نيران الغضب داخل الصدور، بعد أن أصبحت حوادث الطرق فى مصر «قوت يومى» للموت، لحصد أرواح المصريين وإراقة دمائهم على أسفلت الطرق المتهالكة فى كل أنحاء الجمهورية. لا يمر يوم إلا وتقع كارثة ضحيتها العشرات فى ظل فوضى مرورية، وعدم احترام القانون والاستهزاء به والتخاذل عن تطبيقه.
حادث أمس الأول المفجع الذى راح ضحيته 18 طالبا فى تفحم أتوبيس، بعد اصطدامه بناقلة سولار، يأتى بعد أقل من مرور أسبوع على كارثة طريق الكوامل، التى راح ضحيتها 11 طالبة فى عمر الزهور، كن فى طريق العودة من جامعة أسيوط، يطاردن أحلامهن البسيطة فى الحق فى تعليم محترم وعيشة كريمة بعد التخرج، فسرق الموت الأحلام، وسالت الدماء فوق أسفلت الإهمال والعشوائية والفوضى.
بسبب هذه الحوادث والدماء المجانية التى تسيل يوميا على الطرق فى كل مكان فى المحروسة، تحولت مصر إلى أكثر المناطق فى العالم خطورة على حياة المواطنين والأجانب فى التنقل والسفر، وتحتل المرتبة الأولى بلا منازع ومنافس فى حوادث الطرق، وعدد ضحايا هذه الحوادث التى تقترب سنويا من 12-13 ألف شخص، وهو ما يفوق ويتجاوز متوسط الضحايا وفقا للمعدل العالمى، علاوة على 40 ألف مصاب.
كل ذلك ونحن نتجاهل الواقع المر ونقفز عليه، ونتحدث عن جذب الاستثمارات والسعى لإقناع الأشقاء العرب والأصدقاء الأجانب، بضخ أموالهم للاستثمار فى مصر فى غياب بنية تحتية سليمة، ومنها شبكة طرق مهيأة وصالحة للتنقل والسفر، وفقا للمقاييس العالمية.
مسؤولية وقوع الحوادث تقع مباشرة على عاتق الحكومة، ودماء الضحايا فى رقبتها، والأمر ليس فى حاجة إلى تبرير من وزير النقل أو رئيس الوزراء، لأن وقوع حوادث الطرق وتكرارها بهذا الشكل فى دولة أخرى تحترم مواطنيها، وتحرص على حياتهم، يؤدى إلى استقالة الوزير المسؤول فى الحد الأدنى، واستقالة الحكومة فى الحد الأقصى..!
القضية خطيرة والسكوت والصمت عليها جريمة كبرى، والمطلوب تحرك فورى، والإعلان عن مشروع قومى لإعادة تأهيل الطرق وتفعيل قوانين المرور من أجل وقف نزيف المصريين على الطرقات.