لأننا ورثنا تربة سياسية ملوثة من نظامى الحزب الوطنى المنحل وجماعة الإخوان المحظورة، ولأننا لم نعد نصدق أى زعامة سياسية مهما كان حجمها، بعد أن فشلت هذه القامات الإلكترونية فى لم الشمل المصرى منذ هوجة يناير وحتى الآن، ولأننا دمرنا بأيدينا كل مقومات العيش الكريم بعد أن نشرنا الفوضى فى كل مكان، ولأننا نؤمن أن اقتصادنا أصيب بانهيار وأصبحنا «ملفقين» بالفعل، ولأننا خرجنا من مرحلة الإطاحة برؤوس الأنظمة الفاسدة مثل مبارك والفاشية، مثل مرسى لندخل مرحلة جديدة، وهى الإطاحة بكل أساسيات مجتمعنا المصرى الذى ضاعت ملامحه منذ أن اعتقد بعض المراهقين والفاشية والمطبلاتية أنهم صنعوا ثورتين فى أقل من 3 سنوات، وهما فى الحقيقة مجرد مظاهرات، ولولا انحياز جيشنا العظيم ضد نظامى مبارك تارة ومرسى تارة أخرى لما نجحنا فى هز صباع فى قدم أى ديكتاتور، وهو الجميل الذى حمله شعب مصر لجيشه العظيم، ولأننا لم نفعل أى شىء يذكر منذ الإطاحة بمبارك وعزل مرسى سوى الكلام، وترديد الشائعات ومصمصة الشفايف وهز الأكتاف، ولأننا شعب اتكالى لا يعمل سوى مظاهرات فى ميدان التحرير ثم يذهب إلى منزله لينام ويحلم بالمن والسلوى وينتظر ولا يفعل شيئا سوى الفرجة.
ولأننا كل هذا وأكثر فإننى أرى أن من ينتظر أن نقدم الجانى الحقيقى فى كارثة تفحم 19 طالبا وطالبة فى أتوبيس الموت بمحافظة البحيرة - الأسبوع الماضى - فإنه «واهم» و«حالم»، معتقدا أنه فى بلد يحترم شعبها القانون وهو اعتقاد كاذب وخاطئ، فالحقيقة أنه وحتى قبل «هوجة» يناير لدينا شعب لا يرعى الله ولايحترم قانون بلده، شعب غائب عن الوعى، شعب يحركه «حبة» ترامادول، والنتيجة كارثة مثل التى حدثت فى محافظة البحيرة، هذا هو شعب مصر الذى تحول منذ هوجة يناير وحتى الآن إلى أغلبية من البلطجية والإرهابيين، ولذا لم أستغرب كثيرا من سيناريو حادثة تفحم طلبة البحيرة، بسبب جهل وبلطجة وفتونة سائق أتوبيس الطلبة الذى تسبب فى كارثة للأسف الشديد تتكرر كل يوم بسبب عدم احترامنا للقانون أو الخوف على حياة الآخرين، وهو ما سيجعلنا نؤكد أن كارثة البحيرة سوف تتكرر كل يوم، وسنتكتفى بـ«مصمصة» الشفايف وعصر العيون والتمثيل بأننا شعب متحضر وصانع ثورة، وغيرها من الكلمات الكاذبة التى تقال للضحك على «الذقون» كما يقول المثل.
وإذا كنا على يقين أن كارثة البحيرة لن تكون الأخيرة فإننا يجب أن نعلم أيضا أن عدد ضحايا حوادث الطرق فى مصر سنويا يساوى عدد شهداء مصر الذين سقطوا فى حروبها مع العدو الإسرائيلى، وأن أغلب حكومات مصر فشلت فشلاً ذريعاً فى وضع حد لوقف نزيف الأسفلت الذى نشاهده يوميا، فلم يرتدع أحد من تغليظ العقوبات المرورية، ولم يستفد أحد من إصلاح الطرق، ولم يعد أحد يحترم قانون المرور أو أى قانون آخر، والسبب هو عدم الردع، وما نراه يوميا من ازدحام مرورى سببه الرئيسى بلطجة بعض سائقى الميكروباص والتوك توك وأصحاب السيارات الخاصة، حيث يعتقد أغلبهم أنه فوق القانون، وإذا أضفنا إلى كل هؤلاء حالة التراخى الشديدة لرجال المرور الذين لم يعد أحد منهم يهتم بتسجيل المخالفات، ويكتفى فقط بالوقوف فى لجان تفتيش لا تصيب إلا أصحاب السيارات المحترمين، لأن المخالفين يهربون عندما يعلمون أن هناك لجنة فى انتظارهم، هذا هو الحال فى مصر، لهذا فإننا أصبحنا لا نفاجأ عندما نسمع عن حوادث مرورية بشعة يكون ضحاياها بالعشرات من القتلى وأصبحت هذه الحوادث عادة يومية، ولم تعد من الكوارث الطارئة، بل من الكوارث الدائمة.
عبد الفتاح عبد المنعم
البلطجة والجهل وأشياء أخرى وراء كارثة أتوبيس البحيرة
السبت، 08 نوفمبر 2014 12:04 م
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة