مبارك لم يترك القفص، والقفص نفسه أكبر من فكرة قضبان قاعة محكمة.
القضية لم تنته بعد، حتى وإن صنعوا له أجنحة ملائكية من ورق وزرعوها فوق ظهره، الذى يحمل ذنوب 30 سنة من الفساد والخراب.
جيل كامل يكره مبارك، جيل يعرف أن فساد مبارك ليس مجرد قطعة من أوراق الماضى، إن ذهب الماضى ذهبت معه، بل كان تأسيسا لخراب مستقبل وحاضر نعانى كثيرا الآن لإصلاحه.
فى 2010 و2011 قلناها فى نفس المكان ونعيد تكرارها الآن، لأن بعضهم لم يسمع، ولأن بعضهم يحتفل ببراءة الرجل الذى حفر لمصر حفرة فى خرابة، ودفن أحلام مستقبلها فيها.
أنا أكره مبارك لأنه لم يشعر حتى الآن بوجع أمهات الشهداء، ولم يسمع صرخات دمائهم وهى تروى أسفلت التحرير، وأرض السويس برصاص رجال وزارة الداخلية، حينما رفع كعوب جزمهم فوق رؤوسنا بقانون الطوارئ.
أنا أكره مبارك، لأنه لم يعرف أصلا أن هناك شهداء صعدت أرواحهم للسماء فى 25 و28 و29 يناير، ولو كان يعرف أضاعف كرهى لأنه عرف، ولم يقدم عزاء سريعا واعتذارا أسرع، بل لأنه لم يمنع حدوث ذلك إن كان قد اتقى الله فينا وغير و«اتغير»، وحارب الفساد ولم يفتح له الباب، ووضع أجهزة الأمن فى حجمها الطبيعى، ولم يعملقها بالقوانين الاستثنائية.
أكره مبارك لأنه كان يستطيع منع دم الشهداء من مغادرة شرايينهم لو لم يشهد عقد قران السلطة والمال، لو لم يخنق حرية التعبير، لو لم يمنح أحمد عز فرصة التكبر علينا والسخرية منا، وجمال فرصة الحلم بامتلاكنا، ورجال الأعمال فرصة نهبنا، والسياسيين فرصة الضحك على عقولنا.
أنا أكره مبارك لأنه تركهم يضعون صوره فى الميادين، وهو يقف فخماً وضخماً، بينما شعب مصر بأهراماته وتاريخه يظهرون صغاراً أسفل قدمه، أو تحت إبطه، أو فى حضنه، إن كانت الصورة بالعرض مش بالطول.
أنا أكره مبارك لأنه لم يحاسب الفاسدين ولصوص المال العام، بل لأنه كان يمنحهم ترقيات وقربًا غير مفهوم، أنا أكرهه لأنه لم يبكِ حينما غرقت العبارة وطفت مئات الجثث على سطح المياه، بوجوه مذعورة، ولأنه لم يدمع أو يصرخ حينما طلت جثث المواطنين المصريين محروقة ومتفحمة من داخل شبابيك قطار الصعيد، ولأنه لم يصب باكتئاب بسبب المصابين بالفشل الكلوى والسرطان و«فيروس سى»، الذين يقفون بالطوابير أمام مستشفيات يقتلهم إهمالها، قبل أن يقتلهم المرض نفسه، ولأنه لم يغضب من وزرائه أو حكومته حينما طالت طوابير الخبز والأنابيب والتموين، بل لأنه كان يظهر على الشاشات وملامح وجهه مرتاحة وراضية، وتقول بأنه لا يعرف شيئًا.
أنا أكره مبارك لأنه تركهم يعلموننا ونحن صغار، أنه «بابا» والسيدة زوجته «ماما»، وتركهم يؤلفون أغانى بهذا المعنى، نرددها فى الحفلات ويكرر التليفزيون إذاعتها بمناسبة وبدون مناسبة، وظللنا نحن نراعى تلك الصلة التى صنعتها الأغانى، حتى كبرنا وفهمنا أنه لا يوجد أب يخنق مستقبل أولاده، ولا يوجد أب يترك وزيرا يغذى طعامهم بالمبيدات المسرطنة، وآخر يسرق أرضهم وورث أجدادهم.
باختصار أنا أكره مبارك لأنه لا يوجد أب أو حتى زوج أم، يقتل أولاده برصاص الغدر، وهم يقفون صفا واحدا للمطالبة بحقهم فى الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
زيكو
أحسنت
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
مبارك جعلنا غرباء فى وطنا - لابد ان تعاد محاكمة جميع رموز النظام السابق - الوضع جد حطير
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
مصراوي
اتفق معك
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالله جاد
كفرالزيات
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
بالغباوه صنعنا فجوه مرعبه بين الشعب والنظام - الوطن للجميع وليس عزبة ابوهم
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد احمد نورالدين
ياسيد دسوقي اكره مبارك براحتك
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية جدا
انت تكره مبارك فهل تحب السيسي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
??????????????????????
عدد الردود 0
بواسطة:
حائرة
مبارك لا يستحق حتى مشاعرنا بكراهيته
عدد الردود 0
بواسطة:
الكراهيه و جهه نظر
حب و أكره على مزاجك و لكن نرجوكم سيبوا البلد تتحرك و أركنوا على جنب
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو يوسف
للآن ستة معلقين مع الكاتب وواحد ضده
فوق