إذا لم نتعلم الدرس من براءة مبارك وزبانيته، فسوف نكرر الأخطاء ذاتها عند كل انتفاضة أو ثورة، وسيعرف الذين حكموا واستبدوا وظلموا ونهبوا وقتلوا كيف يخدوعننا مرة ومرات!
الخطأ الأكبر الذى ارتكبناه فى ثورة يناير المجيدة أننا لم نكن نعرف أن الثورة علم، وأن تغيير المجتمعات إلى الأفضل علم، مثل كل علوم الدنيا، فهل يمكن لرجل لم يدرس الطب أن يعالج مريضا؟ وهل يستطيع أى إنسان لم يدرس الهندسة المعمارية أن يبنى مدرسة أو مستشفى أو عمارة؟
بكل أسف نحن لم ندرس علم الثورات، ولا قوانينها، ولا كيفية الحفاظ عليها، ولا المخاطر التى تحدق بها، لم ندرس أى شىء، واكتفينا بأن نتعامل مع ثورة يناير على أساس أنها مخزن بديع لأكبر حشد بشرى غاضب وكفى!
مرة أخرى أكرر.. الغضب وحده لا يكفى لاقتلاع نظام من جذوره، والغضب وحده لا يقدر على مواجهة مناورات ومكائد طبقة تحكم وتتحكم منذ أربعة عقود على الأقل، وهو ما حدث بالفعل، إذ إن الذين ثاروا فى يناير لم يعرفوا كيف يستلمون السلطة، وهذا أكبر خطأ، وهكذا نجحت الطبقة المتجبرة الحاكمة فى تغيير جلدها على الفور، وانحنت لعاصفة يناير، واستبدلت وجوها جديدة بمبارك وزبانيته، فظن الثوار - والملايين معهم - أن الثورة نجحت، وأن النظام سقط، وهنا خطأ ثان أو ثالث ارتكبناه، لأننا لم نقرأ عن تاريخ الثورات الفاشلة والناجحة، ولم ندرك أن الطبقة المسيطرة المتغطرسة مثل الحرباء قادرة على تغيير لونها حسب الظروف، وهو ما رأيناه بالفعل، حتى إن هذه الطبقة المسيطرة لم تجد غضاضة أن تقدم مبارك وزبانيته إلى المحاكمة لتمتص غضب الشارع!
هنا خطأ رابع اقترفناه بسذاجتنا الثورية، وهو أننا رضينا بأن تقتصر محاكمة مبارك على سرقة قصر أو فيلا أو قتل المتظاهرين أثناء الثورة، وإنما كان يجب أن يقدم إلى محاكمة ثورية سياسية ناجزة على تدمير مصر فى 30 سنة!
على أى حال.. عسى أن نتعلم الدرس من براءة مبارك، لأن الشعوب المتعلمة هى التى تستحق الحرية والعدل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة