بلاشك.. هو تصرف مريب ومثير للشكوك، ويحتاج لموقف رسمى ودبلوماسى وأمنى واضح.. نقصد ما فعلته السفارة البريطانية من إعلان إغلاق أبوابها، وإطلاق تحذيرات من تهديدات إرهابية، بشكل غير مسبوق، وقد جرت العادة أنه فى حال تلقى تهديد، يتم إبلاغ الأمن بشكل علنى، لكن السفارة البريطانية أعلنت تعليق نشاطها فى القاهرة، فجأة ومن دون مقدمات، ثم تبعتها كندا وأعلنت إغلاق سفارتها، فى حين تواصل سفارات الدول الكبرى أمريكا وروسيا وألمانيا وفرنسا عملها بشكل طبيعى.
المفارقة أن السفير البريطانى جون كاسن زار المنيا يوم 29 نوفمبر والتقى المحافظ، وتجول فى سوق مدينة المنيا، وأشاد باستقرار الوضع الأمنى فى المنيا، مؤكدًا أن هذا سينعكس على أعداد السائحين، وقال السفير إن بريطانيا تتطلع للتعاون مع مصر الناجحة والمزدهرة فى عهدها الجديد، ولديها المزيد من المشاريع التى ستسهم فى خلق فرص عمل، لكن يبدو أن مساهمة بريطانيا فى التنمية كانت إشاعة الخوف وبث الشائعات المريبة، فبعد أيام من عودة السفير من المنيا، اتخذت السفارة إجراءات هيستيرية، بدت وكأنها مقصودة لإثارة الرعب من مصر وإفساد الموسم السياحى الشتوى ورأس السنة، ثم موقف كندا هى الأخرى بلا مقدمات، وكأن هناك صلة قرابة بين السفارتين.
المفارقة أن بريطانيا لم تقم بهذا التصرف الهيستيرى فى أفغانستان أو العراق واليمن، وتحتفظ بسفاراتها فى دول تعانى من تفجيرات وقلاقل، بينما مصر لم تشهد أى عمل تجاه دبلوماسيين حتى فى أوقات أقل استقرارا بعد الثورة، بينما كانت عمليات الخطف تتم فى اليمن والعراق حيث خطف وقتل بريطانيون وأمريكان، الأمر الذى يثير الأسئلة.
بالطبع لا أحد مع التعامل بعصبية أو لامبالاة مع التهديد،، وربما تكون السفارة تلقت تهديدا أو تعرضت لاختراق إلكترونى كما ردد البعض، وواجب الأمن تأمين السفارات، بشرط ألا يكون الأمر ضمن ابتزاز، فقد أعلنت أجهزة الأمن أن السفارة البريطانية طلبت إغلاق الشوارع حولها، وردت الداخلية بأن هناك حكما قضائيا بفتح الشوارع التى ظلت مغلقة منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 حتى ما بعد ثورة يناير، وأن هيستيريا السفارة البريطانية وتوابعها رد فعل على ذلك.
بريطانيا من أكثر الدول الأوروبية تصديرا للإرهابيين إلى داعش، ولو كانت هناك جدية ربما لأعلنت التهديدات من دون الهيستيريا التى بدت وكأنها اتفاق مع منافسين سياحيين لمصر، أو فصل فى لعبة إقليمية مع أطراف أخرى، وهى أمور سوف تكشفها الأيام، لكن فيما يخص المصريين فإنهم يطالبون بمصارحة، وحساب لمن صنعوا هذا الوضع المريب.